جاري تحميل ... مُدَونة كِتَاف

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

شروق-الشمس-الإشراق-شرقت

كنت أتناقش قديمًا مع أحد أصدقاء المنتديات حول موضوع ديني، وفي سياق حديثي أتيت بمقولة لعالم أعلم أن هذا الأخ يختلف معه وربما لا يطيق بعض طرحه، فكان رد ذلك الأخ مضحكًا للغاية حين قال لي: كلًا يؤخذ من قوله ويرد إلا الرسول صلى الله عليه وسلم.. وترى المشايخ مو معصومين !

رددت عليه برسالة قلت فيها مازحًا: لا يا شيخ؟! قل قسم! أرجوك لا تقول لي أن "الليل ليل والنهار نهار والأرض فيها الماء والأشجار"، والأهم منها لا يكون السماء فوقنا والأرض تحتنا.. بعدين تزعزع عقيدتي ترى!! أما عاد إذا قلت لي أن الشرق شرق والغرب غرب، ترى احتمال أصاب بصدمة نفسية تفتك بي وبكل ما آمنت به.

ما أجمل أن تكون الصراحة هي المهيمنة على النقاشات. كون هذا الأخ مثلًا لا يحب أن أورد اسم العالم فلان في النقاش أو يكره المقولة التي طرحتها أو الرأي الذي أوردته، ما الداعي لهذا اللف والدوران؟! لماذا يذكرني بأمر من البجاحة أن يذكرني به وكأنه جاء بما لم يأت به الأوائل؟! أستغرب صراحة.. لماذا لا يقول بوضوح أختلف معك ويناقش الرأي بأسلوب أخوي وعفوي غير متكلف؟! بدل من هذه التوصية المعلومة من العقل والفكر والدين بالضرورة والتي أعتبرها نوع من التعالي على الناس واستسذاجهم واعتبار سخف عقولهم والتكبر على فكرهم، واعتبار الذات غارقة في المنطقية والذكاء.

على كذا.. كل رأي لا يعجبني، أمر على أسماء العلماء والمفكرين والأدباء الذين مروا في سياقه وأبدأ بإسقاطها عبر جمل مكررة: لا تسلم عقلك للغير.. كلن يؤخذ من قوله ويرد.. إلخ، دون أن أبدي اهتماما في مناقشة الرأي.. تطوّل السالفة حينها، لذا اختصارًا سأستسذجك أمام الغير بإخبارك أن 1 + 1 = 2، قصدي بإخبارك أن أي إنسان آخر غير الرسول صلى الله عليه وسلم معصوم.

ومثلها أن يقال لك: يا أخي لا تقدس إلا الكتاب والسنة، لا تقدس كلام العلماء، لك حق تلتفت بعدها خلفك كي تتأكد هل يخاطب هذا الإنسان طفلًا أو مجنونًا؟! ولعلك تدقق في ملامحه لترى هل هو منتبه إلى كونه يعطيك معلومة كأنها جديدة عليك.. وكأنه أتى بكشف عظيم!!

الحقيقة أن استشهادك بكلام شخص لا يعجبني بذاته أو بطرحه هو سبب ذكري لهذه الجملة المضحكة.. لا أكثر ولا أقل، وأن تعريف التقديس في هذه الحالة عندي: أن تذكر كلام عالم لا يعجبني طرحه. أما إذا ذكرت كلام شخصٍ أذوب فيه أو في أسلوب، فحينها تصبح مستفيدًا من الغير وووو، ومدار الأمر هنا الهوى، أو في الحقيقة: المزاج !

مثله أحد الأخوة في إحدى المنتديات أكثرت من النقل عن أحدهم أعلم جيدًا أنه يختلف طرحه لكن هذا ليس ذنبي، فهذا أمر يخصه وعليه أن يتعامل معه، لولا الأذواق لبارت السلع.. والكتب كذلك!، وحين قرأ المقولة أرسل لي هذا الأخ يقول: (يا الغالي نريد إبداعك كما في المواضيع الفلانية، لماذا تكثر من النقولات؟!) ثم بعد فترة تعمدت أن أنقل بكثرة عن مفكرٍ يذوب فيه.. فأثنى وشجع وصار النقل أمرًا جميلًا عنده!!.

لا ألومه على المحبة والكره، فالأرواح جنود مجندة، حتى بما يتعلق بالطرح، لكن غياب الصراحة يجعل المجاملة واللف والدوران سمة سيئة في النقاشات.


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

تزدان المدونة بتعليقاتكم وملاحظاتكم.

إعلان أسفل المقال