جاري تحميل ... مُدَونة كِتَاف

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة


لك أن تذهب إلى أي موقع تواصل يسهل البحث فيه عن النصوص المنشورة، وتبحث عبر محركات البحث فيها عن هذه الجمل: (لا تترك مكانك.. الزم ثغرك.. لا تبرحوا الجبل.. لا تتركوا جبل الرماة.. ولو تخطفت غيركم الطير) ونحوه من هذه الجمل التي يعاد تدويرها في صفحات الإخوان والسرورية والمتأثرين بهم.

تصاعَدَ هذا النوع من الخطاب في مرحلتين من مراحلهم التي يرونها مراحل هزيمة واندحار، أما المرحلة الأولى فهي بعد انهيار مشروعهم في مصر، ودعم دول الخليج لثورة الشعب المصري وجيشه الوطني ضد خونة الأمة (الإخوان غير المسلمين)، وصرامتها الوقتية ضد محاولات الحشد الغوغائي داخل الخليج للحفاظ على النفس الثوري.

والمرحلة الثانية في تلك الفترة بين حوار (سوف ندمرهم اليوم وفورًا) وحتى تحييدهم عن المشهد الفكري/السياسي والثقافي والاجتماعي والخيري الذي أثقل المجتمع لعقود، وأعاق تصورات مؤسسات الوطن السياسية والأمنية للأحداث من الوصول لعموم الناس، كي تحل محلها تصورات أخرى أثبتت الأيام أنها شرٌّ ووبال.

وهي خطابات يوجهها رجالات الصف الأول والثاني على الأقل لشبابهم وكوادرهم في (جبل الرماة) و(الثغور) كما يصفونها، والتي يعنون بها بصراحة أحيانًا: المحاضن التربوية والفكرية والعلمية، وهي في المجتمع السعودي أماكن سيطرة أتباعهم على بعض حلقات تحفيظ القرآن، وما يطلق عليه بالمكتبات، والدورات الشرعية والفكرية والتربوية، سواء بمسماها الكلاسيكي (دروس ودورات شرعية) أو بمسميات جديدة ومتحايلة على الوعي الوطني أو على عين الرقيب حسب وهمهم، كالدورات التدريبية، أو مشروع كذا، ونحوها من المسميات المقتبسة من أسماء الأنشطة الثقافية العامة، فضلًا عن الأنشطة الجانبية التي على ضفاف النشاط الرسمي المفسوح له، فهناك أنشطة رئيسية باهتة، وعلى ضفافها أنشطة جانبية أكثر تأثيرًا وتكفي لتسميم الشاب بأفكار الإخوان خلال بضعة أشهر، وإخصائه من عروبته لصالح التركي ليصبح نابحًا له متحقرًا لعروبته وعرقه، ولم يتغير الحال كثيرًا، اللهم استبدل الواقع بالواقع الافتراضي، وقسمه ذات التقسيم.

إنّ مثل هذه الجُمَل والتوصيات بلزوم الثغور وجبل الرماة لها دلالات خطيرة، ولوازم أخطر، وحينما تصل مثل هذه الجمل لمن يتأثر بهم ويحبهم حُبًا لدينه.. كما يظن، فهي تختطفهم تلقائيًا من البراءة الإنسانية/الوطنية/الدينية إلى النشاط الإخواني، بما يحتويه من إرهاب متستر بستار الاعتدال والوسطية والدعوة وحب الله تعالى ورسوله ﷺ ووقاية الشاب من الانحراف والتطرف، بل ويتستر بالأمن الفكري ليفرغه من معانيه المطلوبة بحق، ويحل محلها الباهت من الأفكار، أو يوجهها توجيهًا لا علاقة له بالأمن الفكري الذي يحفظ شبابنا بحق من الانحدار بعقولهم نحو الفتنة وأحزاب عبدالله بن سبأ.

حينما أرى تغريداتٍ متكررة تقول لشبابنا وأبنائنا في وقت التزام قادة الوطن ومؤسساته بالحفاظ على الأمن بشكل واضح وصريح، وقيام حملات واضحة لمحاربة الأفكار العابرة للحدود، والتي تزعم أنه تفعل ذلك باسم الأمة، وهي تنتج عقولًا قابلة للتجنيد لـ (أوطان) أخرى، و(حدود سايكس بيكو) أخرى فقط لأن الأعداء فيها يرفعون شعار الأمة ويثرثرون كثيرًا حول قضايا ويقدمون أسعارًا مميزة جدًا لمن ينضم لمؤسساتهم التي أرادوها أن تكون موازية لهذا الوطن. 

أقول حينما أقرأ مثل هذه التغريدات التي توصي بها شخصيات سعودية شخصيات سعودية أخرى بأن: (الزم ثغرك ولا تبرح جبل الرماة وقت المعارك والأزمات والذي هو أماكن التربية) فهذه تترجم لديّ (على لسانهم) بهذه اللوازم والمفاهيم:

  • هناك معركة داخلية، كمعركة أحد، نحن نموذج المسلمين فيها، والطرف المقابل يقابل نموذج المشركين (وهكذا يُكَفّرون الأوطان ويوصلون عقلية التكفير والاشمئزاز من البلد والتلبس بشخصية عبدالله بن سبأ دون أن ينطقوا بمادة [ ك ف ر ] ولا فروعها، وهذا الأسلوب كثير ومتواتر في إنتاجهم، بعكس فروع جماعة الإخوان المجرمة الأخرى كداعش والقاعدة والتي تتسم بالفجاجة والصراحة والبعد عن التذاكي وقرب الوصول لمعنى التكفير مباشرة ودون ألغاز وتعقيدات).
  • العدو في هذه المعركة هو الوطن، قادته، ومؤسساته الأمنية، وكل رجالاتها، والذين هم أبناؤنا وإخواننا.
  • هذا الكلام مهموسٌ بالرموز والمعاني البعيدة والتي من الممكن أن نصل إليها ويصل إليها من بين أيدينا بالتأمل والاستقصاء، وهذه يصور طبيعة عملنا السري.
  • نَلزم جبل الرماة (المحاضن المختلفة) كي لا نخسر المعركة، بعكس ما حصل في غزوة أحد، وهذا يعني أن الجبل عنصر استمرارية للنصر وحماية للمشروع، من خلال استمرار أدلجة الأجيال في تلك المحاضن، وضمان المزيد من الأجيال المتأثرة بمؤلفات ومحاضرات وخواطر وأدب الإخوان المجرمين، خصوصًا أساسياته: (تكفير الحكومات بطريقة ذكية، التشغيب على قراراتها ورؤاها ومشاريعها بكل الطرق المتاحة، التهيئة المستمرة انتظارًا لأي جذوة فتنة لإظهار الرؤوس، وإيجاد ملفات توتر دائمة بيننا وبين الحكومة.. إلخ).

وهنا سؤال آخر: إذا كان هؤلاء ينصحون صفوفهم الأخرى بلزوم الثغور وجبل الرماة، فما الذي كانوا ولا زالوا يقومون به حول الجبل؟ هي معركة بلا شك، هذا ما يوجبه التشبيه والقياس الذي يذكرونه في استحضارهم لمعارك النبي ﷺ، لكن إذا كانت المحاضن التربوية والفكرية والعلمية هي الجبل، فما هي المعركة حوله؟ وضد من؟

وقد استبانت أحداث العقد الماضي وحتى يومنا هذا سبيلهم حتى عرَّفَتِ الغالبية على إجابة هذين السؤالين: المعركة حول الجبل تدور حول الوصول إلى الحُكم، بشكل مباشر وعلى الأشلاء والدماء والتي هي ضرورة ووسيلة (وفضيلة)، أو من خلال الدعم المالي والإعلامي وبكل وسيلة ممكنة للأنشطة الأكثر جرأة في الخارج، لضمان إبقاء شيطنة الحكومات في أذهان الأجيال من خلال إعادة تدوير كل أفكار ووسائل ما بعد (سقوط الخلافة): (المستعمر الخارجي ذهب، وبقي المستعمر الداخلي - التغريب - القوانين الوضعية - إثارة الناس من خلال دغدغة الملفات الاقتصادية والأحداث الأمنية والنفخ في الإشاعات وصناعتها - تأليه الدولة العثمانية ورفعها إلى درجات أسطورية لأن هذا يضمن شيطنة من يهاجمها ومن أسقطها والدول التي بنيت على أشلائها - إسقاط كل رموز وشخصيات الوعي الوطني التي بدأت تظهر في المشهد العام أو بين عموم الناس وأخذت تفضحهم بشكل مباشر أو من خلال مزاحمتهم في الوصول لوعي الناس.. ونحو ذلك من الأفكار والوسائل).

وصدقوني حين أقول لكم أن نصيحتهم مطبقة بحذافيرها، لذلك لا غرابة أن يمر عليك في مواقع التواصل مئات الحسابات لهؤلاء الأتباع من المعلمين أو مدراء التعليم أو إداريين في مؤسسات حكومية أو خيرية، وقد أنشئت هذه الحسابات في ٢٠١١م وما قبلها، لكن كل أرشيفهم الغارق في الخيانة محذوف، حذفٌ تلا أحداث ٢٠١٣م، وحذفٌ تلا تطورات ٢٠١٦-٢٠١٧م، وأنا لا أتحدث عن لغزٍ هنا، فهم جموع تركت مواطِنَها التي كانت تملؤها كشخصيات سرورية وصحوية لمّا ظنّت (التمكين) قد حان وقته ورأينا وجوهًا وكلامًا لا علاقة له بكل ما كانوا يتصدرون له لسنوات من وعظ وعمل خيري وفكر وتنمية ذاتية وتحولوا لرجال سياسة وعسكر، يشغّبون على الحكومات، ويثيرون الشعوب، وصاروا أدواتًا لمشروع الفوضى، وبكل سرور، ووصل الأمر إلى الجناية على جيل آخر من الشباب المغرر بهم ليذهبوا ويحترقوا (مرة أخرى) في مواطن الفتن بلا طائل.. كالعادة، بل بشرٍّ ووبال، أو تُبعث الأموال بالتحايل على الرقيب الأمني لدعم مشروع الفوضى باسم نصرة المسلمين.

أعلم أنني ربما لم أضف جديدًا بكلامي السابق، لكن الجديد نوعًا ما هو تساؤلنا عما جرى لأصحاب الحسابات بعد هذه السنوات، لا أتحدث عن رؤوسهم، فهؤلاء قد تكفلت الدولة بتحييدهم، وإنما أعني من يصفهم الرؤوس بالصف الثاني والثالث.. إلخ،

تلك الشخصيات التي حذفت الأرشيف كاملًا، ووضعت العلم الوطني جوار أسمائها، وعادت لتلك الدعوات الباهتة المضطرة لولي الأمر، أو الريتويت المغتاظ لأخبار الملك وولي العهد ورجالات الدولة، والتي هي بديلٌ متذاكي عن الثناء عليهم بألسنتهم وكتاباتهم، وأسلوبٌ من أساليب ورع الخوارج.

لنا الحق أن نتساءل إذن: هل لا زالت نظرية الصفوف مطبقة من قبلهم؟ ما يعني وجود صفوف نشطة حاليًا في جمعيات التحفيظ ومكاتب الدعوة والجامعات والأوقاف مشابهة في التأثير والناتج النهائي لأنشطتهم التي أنتجت لنا يومًا (ناشطي) الثورات العربية، والتشغيب على مؤسسات الدولة في عهد الملكين السابقين رحمهما الله، ودسّ بعض المشبوهين فيها ممن ظهرت فضائحهم في زماننا، وإعادة تدوير أفكار الإخوان ومنهجهم لكل من يستطيعون أن يخلو به من الأجيال الفتية الحالية.. وغير ذلك من آثارهم المعروفة؟

بالنظر إلى بعض الأحداث السياسية، ونشاط مواقع التواصل، أستطيع أن أقول: نعم، وبكل أسف، إنهم مستمرون على ذات الأدلجة، والوصول للناس بطرق متحايلة، من خلال التقنية، والجمعيّات، والتعليم، وهم بين مدٍّ وجذر، إذا أَمِنُوا ضَربوا المجتمع بموجةٍ تحمل فكرةً خطيرة ضد التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في بلادنا، أو عودة للاشتباك في معارك حزب الإخوان السبئي في معاركه العامة التي تتجاوز جغرافيا المملكة، من خلال حالة واتساب واستغلال تخصيصاته، أو خاطرة في قناة تيليقرام وقروباته المغلقة، أو حسابات بأسماء مستعارة وإغلاقها عن جديد المتابعة عبر تويتر، وغير ذلك من أساليب ما بعد ٢٠١٧م.

وإذا خافوا عادوا للأحاديث والآيات والمواعظ العامة كي لا يفقدوا الالتفاف الاجتماعي المهتم دائمًا وأبدًا بشؤونه الدينية، فيضمنون هذا الالتفاف عبر استغلال العاطفة الإيمانية وحب الله تعالى ورسوله ﷺ إلى أن يأمنوا مرة أخرى ليضربوا وعي الناس بموجة أخرى، مع تكرار لأساليبهم في جذب الشباب، كتطعيم نشاطهم بالتفاعل مع أخبار كرة القدم، بل إن كثيرًا من حسابات السرورية والصحويين في تويتر صارت تضع صورًا لأبطال الأنمي وشخصياتها، والمشاركة في فعاليات الميمز الساخرة، كي لا يبتعدوا عن أجواء الجيل، ومستجدات جذبهم.

كلنا ثقة بعد الثقة بالله سبحانه بالنشاط الحالي لمواجهة هذا الفكر، وانتشال ضحاياه من القوقعة السبئية التي اختنق وعيهم فيها فصاروا أداة فتنة مع صبيحة كل يوم، وصارت محفوظاتهم وقراءاتهم ودموعهم آخر الليل وأورادهم ومجاهدتهم لأنفسهم (وسيلة) لتثوير الناس، وتدمير مجتمع آخر، بعد أن فشلوا بكل بساطة وفشل فقه واقعهم كالعادة في فتنة ٢٠١١م.

لكني هنا ألفت النظر إلى اقتراح المستشار الفكري والمتخصص في شؤون الجماعات الدكتور أحمد المنيعي في لقائه على mbc بوجود مركز رفيع يسهم في اقتلاع جذور الاخوان وأفكارهم ومعالجة من وقعوا بالعاطفة معهم من عموم المجتمع، مع التشديد على عدم تكرار أخطاء وضع السرورية والإخوان على لجان الأمن الفكري والمناصحة، فداوينا شبابنا بالذي هو الداء، وكان الأمر سيكون كارثيًا أكثر لولا فضل الله تعالي على هذا البلد الأمين.

إن الحديث عن أساليبهم، وخطواتهم، وتكتيكاتهم، واجبٌ شرعي على كل سعودي وخليجي، لأنه يقي بنشر هذا الوعي بلاده فتنة لا تبقي ولا تذر، لأن كل سعودي يريد أن يرسل ابنه للحلقة ليحفظ قل هو الله أحد، ومعناها، لا أن يذهب ليقوم بذلك فيجد نفسه يقرأ للسبئية وهم يشيطنون ظلمًا وعدوانًا دولنا العربية، ومملكتنا المباركة، ولا أن ننقل حياة ونفسية الطالب التي نمت على حب بلده وأهله إلى عالم مأساوي مظلم كتبه من نحقر صلاتنا عند صلاتهم وصيامنا عند صيامهم، لكنهم يمرقون من الدين والواقع كما يمرق السهم من الرمية، لذلك رأينا عاقبة أمرهم وهم يقترفون كل ما كانوا يكفرون الأمة والأوطان بسببه، وفشلهم في كل مكان خطوا أرجلهم فيه، وصاروا في حال من الزيغ والفساد والظلمة والتشرذم والخسّة والعمالة ما لا يكون إلا لصاحب ضلال، لأن الصحاب الهدى يزداد هدى، أما الآخر فلن يرد انحداره إلا الوقوف مع الأعداء والفرح بهجماتهم الإعلامية والعسكرية والاقتصادية ضد بلاد المسلمين، ولا حظ في الإسلام لمن هذا حاله.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

تزدان المدونة بتعليقاتكم وملاحظاتكم.

إعلان أسفل المقال