جاري تحميل ... مُدَونة كِتَاف

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة




أريدك أن تتأمل معي صورة سمو ولي العهد، ثم تتأمل الملفات التي عن يمينه، ولتتساءل معي.

هل تتوقع ولو 1% أن ملفًا واحدًا منها هو الناتج النهائي لإعداد وكتابةِ شخصٍ واحدٍ من رجال ولي العهد، منسدحٍ على سريره أو جالسٍ في مكتبه المنزلي؟ قد بحث لإعداده عن مصادر المعلومة من جوجل، ومحرك بحث تويتر، وتقارير الصحف وأعمدة كتاب الرأي؟ أم أنه الناتج النهائي لتآزرِ عدة مؤسسات داخل الدولة.. مرورًا بمكاتب الوزراء وفرق الوزارات ولجانها، ومرورًا بموظفي ديوان سموّه، ومن الرصد والاستقصاء وجمع المعلومات لتقارير موسعة ومراجعة شاملة.. لملخصات مركّزة في ملف ينتهي إليه؟ وهذا على ظاهر ما نتوقعه من العمل الداخلي لمثل تلك الجهات العليا بناء على أساليب الإدارة المعروفة بالإطلاع في الواقع أو قراءة؟

يعني -كمثال قريب-: تقرير قصف أرامكو، هل تتوقع أن الملك حفظه الله تعالى، أو ولي عهده الكريم، أخذوه كعلمٍ شفهي من جلسةٍ (خاصة)، ومشاهدة تقريرٍ في قناة، بناء عليه يقولون ويصرحون ويأمرون ويستشيرون، أم أن التقارير التي ستصل إليهم ستكون مركزة وخلاصة لواردات موسعة ومفصلة قُدمت للجهات العليا من شركة أرامكو، ووزارة الداخلية، ووزارة الدفاع، والاستخبارات، والمباحث، بالإضافة إلى تقارير مبنية على التعاون الدفاعي والاستخباراتي بين السعودية ودول أخرى صديقة وحليفة (الكويت ترسل تقاريرها، ومعلوماتها، الولايات المتحدة.. إلخ)، والناتج النهائي يأتي ملخصًا ومركزًا لمكتبي الملك وولي العهد، والذي يكون محاطًا بلا شك بخيرة العقول المتخصصة في مجالاتها.. إلخ.

*          *          *

حسنًا.. لنفترض أنه قد ظهر لك في بقعةٍ جغرافيةٍ بعيدةٍ عنك تنظيم دولي (مسلّح/له شخصيات ظاهرة/يتوسع).

حين أقول مسلح تأتي عدة أسئلة: كيف تسلح؟ ما الظروف التي لازمت التسليح؟ من أين لهم أموال التسليح؟ أين يُخزَّن السلاح؟ ومن يتعاون معها أو سهّل ظهورها وعملياتها وتوسعها؟

وحين أقول شخصيات: من هي؟ ما جنسياتها؟ ما أعمارها؟ ما تاريخ هذه الشخصيات الشخصي والفكري والسياسي والعسكري؟ أين كانت في الفترة الأخيرة؟ ما الظروف التي قدمتها للمشهد وصعدت بهم إليه؟.. إلخ إلخ.

وحين أقول توسع التنظيم: كيف توسع؟ وأين؟ ما الظروف والتفاصيل التي صاحبت ذلك؟

هذه أسئلة عظيمة وقليلة كذلك لأنها مجرد نموذج على ما يمكن طرحه من المتخصصين في رصد المعلومات.. فحين وصل تنظيم داعش للشام.. وكذلك جبهة النصرة.. وغيرها.. أنت تتحدث عن أسئلة كثيرة للغاية تقفز للأذهان بعد ظهور هذا التنظيم، تآزرت وزارات الدفاع في المنطقة.. والاستخبارات المدنية والعسكرية.. وما نجهله من المؤسسات والهيئات على كشف وتصنيف وتقييم ما يحصل بالتفصيل الممل.. والناتج النهائي يتقاسمه رجال الدولة مع القادة في المجالس العليا.. والخلاصة النهائية سيجدها المواطن في الحركة الإعلامية للدولة (وليس شرطًا أن يجدها بذات التفصيل لاعتبارات مفهومة)، ويظهر في هذه الخلاصة التصنيف الرسمي والنهائي لتلك المنظمات.. فإذا قالت الدولة إنها منظمات إرهابية.. فثق كل الثقة أنها شرٌّ على المنطقة والدولة: بشعوبها، ومصالحهم، وبطبيعة الحال على الحكومات فيها.. ولو لم يظهر لك ذلك، سواءٌ أكنت شخصًا عاديًا.. أم إعلاميًا.. أم شيخ علم.. أو أيًا ما كان تخصصك.

أريدك أن تستوعب كلامي هذا جيدًا، وتتخيل نفسك مكان المعلومة التي تتقاذفها الدوائر الرسمية داخل الدول، بل ويتم تداولها بين الدول وحلفائها، ثم بعد هذا كله ستجد نقصًا في المعلومات عند هذه الدول، بعد كل هذه الجهود، وغموضًا، وربما آراء خاطئة، وقرارات خاطئة، تتخلل الكثير من الصواب.. والكثير من التوفيق.. وهو الأتم والأعظم.. فأنت تتحدث عن دول بميزانيات ضخمة وكوادر مؤهلة.

تأمل جيدًا.. ثم اقرأ (أو قم بالاطلاع السريع، وإلقاء نظرة خاطفة) المكتوب في الرابط التالي:


هنا نموذج على ما كان يجري في بلدنا.. والمنطقة، الكاتب شاب ثلاثيني وقتها، في الرياض، يعبر عن النموذج الكلاسيكي للمثقف وطالب العلم [قارئ نهم، حافظ للقرآن، حضر دروسًا تخصصية لدى المشايخ، له متابعات عامة عبر قناة الجزيرة[1] والمعرفات المحسوبة على منهجها، وحساباتها الإخبارية المعروفة، وقد يكون (وهذه أقولها بعيدًا عن شخصية الكاتب فربما لا تنطبق عليه) هناك جلسات "خاصة" وهو مصطلح معروف عند النشطاء الفكريين من هذا الاتجاه، يعبر عن كون هذه الجلسات الهامسة يتداول فيها العلم الأكيد من أماكن النزاع والأمور الداخلية العميقة لا يحضرها عموم (الشباب).. إلخ].

قام الكاتب في هذا المقال بتصنيف: جبهة النصرة، أحرار الشام، جيش الإسلام، الجيش الحر، الجبهة الإسلامية، الجبهة الشامية، جيش الفتح.. إلخ، وهذه بعض العبارات المكتوبة فيه، وأنا لم أنتزع المقال من مذكراته الخاصة؛ بل أتحدث عن أمرٍ منشور، وأسترجع تاريخًا مكتوبًا؛ لغايةٍ مهمة جدًا تمسّ كلّ من أنا معنيٌّ بمخاطبتهم هنا، ولنستعرض هذه العبارات وأرجو تأملها مع استحضار المقدمة التي بدأت فيها هذا المقال، ومتابعة بقية الحديث:

  • (أحرار الشام فصيل جهادي إسلامي معروف تخلّق في ظروف الثورة الشامية).
  • (جيش الإسلام من الفصائل الجهادية الإسلامية الكبيرة، وهو حصيلة اندماجات متوالية لعدد كبير من فصائل المجاهدين الصغيرة، يُقدّرها بعضهم بخمسين فصيل، ويذكر بعض أهل الخبرة من أشهر أعماله عملية "خلية الأزمة" التي قُتِل فيها قيادات النظام الأمني النصيري دفعة واحدة).
  • (الجيش الحر مظلة عامة يدخل تحتها طيف متنوع ومتفاوت من الأفراد والتشكيلات التي دخلت الثورة مع اندلاعها وتسلحت وواجهت النظام، وعصبهم آنذاك المنشقون عن النظام الأسدي، وهو الواجهة العسكرية الأولى للثورة، وهؤلاء المقاتلون بعيدون عن الغوص في التفاصيل العقدية والفقهية التي تختلف حولها الفصائل الجهادية المنتسبة للسلفية، ويذكر أهل الخبرة بالشأن الشامي أنه يغلب على مقاتلي الجيش الحر روح النخوة لأهل بلدهم والحمية الإسلامية العامة، وهمهم الأساس "إسقاط النظام الأسدي الظالم" وكف عدوانه على الشعب، وبسبب كون الجيش الحر مظلة عامة فقد دخل فيها بعض المرتزقة الذين شوّهوا جزءًا من صورته، وتختلف عامة الفصائل في تقييم الجيش الحر وتشكيلاته شرعياً وسياسياً وعسكرياً، مع التأكيد على التفاوت الشديد بين المنتسبين للجيش الحر، أفراداً وكتائب).
  • (حركة حماس وذراعها العسكري كتائب عز الدين القسام من أشهر الحركات الجهادية السياسية الإسلامية العريقة).

الكاتب حاول في بداية المقال، وزعم وكرر وأكّد حتى في آخر المقال أنه ليس بغرض عرض رأيه وتقييمه لهذه الفصائل، لكنه لم يلتزم بما قال، فكتب هذه العبارة يصف فيها حال المقاتل الداعشي: (ذهب للجهاد يريد أن ينصر المسلمين ضد مجازر النصيرية.. فأعاد تنظيم الدولة صياغة قناعاته.. فصار يسفك دماء خيار الثوار والمجاهدين في سوريا.. واحر قلباه على تلك الدماء الزكية البريئة.. يا رب أكرمهم وأنزل الصبر علينا وعلى أهليهم).

وكذلك هنا: (وفي حادثة قتلٍ أخرى للمجاهدين يعلنها تنظيم الدولة ويتباهى بها قائلاً (الدولة الإسلامية نجحت في قتل أمير جبهة النصرة لمنطقة شرق القلمون، وأمير جيش الإسلام لنفس المنطقة) [مجلة دابق، العدد التاسع، شعبان، 1436هـ، ص36]. يا الله .. قتل مجاهد يسمونه "نجاح"! وينشر هذا "النجاح" في وثائقهم الرسمية بلغة التمدّح وعرض المآثر..).

الأفكار الرئيسية والفرعية التي يوصلها لك المقال:

  • أن الكاتب اكتشف (وقد مرت فترة  تورع بها الكثير عن ذلك) أن تنظيم الدولة تكفيريون خوارج. والورع عن مهاجمة الدواعش كان مرحلة معلّقة راح ضحيتها الكثير من أبناء البلد من الشباب والمراهقين؛ فاستُغِلّ هذا الفراغ التصنيفي من قبل التكفيريين والاستخبارات المعادية وجذبوا الكثير من شباب العرب لدعاية داعش.. وحصل ما حصل مما تعرفونه.
  • كل الفصائل التي ذكرها الكاتب هم مجاهدون وتم تزكيتهم، كذا، لا ملفات واردة، ولا استخبارات، ولا وزارات خارجية، ولا داخلية، ولا تعاون في مجال المعلومات الأمنية بين الدول، ولا اعتبار بأن هناك دولة أنت في ظلها وتحمل جنسيتها وتملك هذه الدولة الخبرة والأدوات والإمكانيات والمال والكادر وكل ما يجعلها مخولة شرعًا وعقلًا للتصدر لهذا الأمر فقط، لا.. الكاتب يتابع الأخبار (الجزيرة طبعًا[1])، ويقرأ في تويتر، يتابع مجلة دابق، وخلاص.. جبهة النصر مجاهدين.. والفتح مجاهدين.. ودماؤهم زكية.. و(ياألله) كيف يقتلونهم!!!
  • ونقفز من سوريا لليبيا لنجد لمزًا للقائد الليبي خليفة حفتر: فحين أراد أن يقدح في حفتر ينقل رأي معارضيه واتهامه بأنه (فلول) للنظام السابق، لكن الجهة المقابلة (الإخوان والتيارات الإرهابية) لم يستخدم معهم هذا الأسلوب، لم يقل: يرى معارضوهم أنهم إرهابيون ودمى لقطر وتركيا واليسار الغربي.. لا.. بل ليس لهم إلا التزكية في كامل السياق كقوله: (وكل هذه الكتائب والتكتلات ذات طابع إسلامي، وكتلتها الصلبة مرتبطة بهويات جهادية وحركية معروفة).
  • الجيش الحر يحتوي مقاتلين مرتزقة.

خلال عرضي لكلام الكاتب لفت نظري استشهاده بمقولة من بيان طويل من 3 صفحات لإخوان ليبيا ضد الدواعش، يقول كاتب المقال: (وذكر البيان أن دعوى تنظيم الدولة أنهم يقومون بتحكيم الشريعة مجرد دعوى شعاراتية وشبّهوها بالحكومات العربية التي تدّعي شعارات الإسلام، كما يقول البيان: [أن دعواه بإقامة حكم الله دعوى كاذبة باطلة، وأشبه ما تكون بتمسح طواغيت العرب ببعض شعارات الإسلام, ليستخفّوا بها أقوامهم]). يعني بالله ماهي الدولة العربية التي ترفع شعارات الإسلام غير المملكة العربية السعودية؟!! ولماذا يستدل الكاتب من البيان الطويل بهذه العبارة فقط؟

الآن، لتتأملوا معي هذه العبارات من الكاتب:

(اجتهدت قدر الطاقة والإمكان - ومن اللافت - وقد لاحظت - ويذكر أهل الخبرة بالشأن الشامي أنه يغلب على مقاتلي الجيش الحر.. إلخ - والذي نفهمه - لمست في خطاب - وأما استقطاب الأعضاء المنتمين لجبهة النصرة فالذي يظهر لي الآن.. إلخ - ووقعت مرةً أثناء البحث على بعض الردود والتراشق المتبادل في الداخل القتالي - أظهرت لي نتائج الدراسة - بل إنني جلست مرة أتأمل).

ليش وزارات، وهيئات، واستخبارات، وتحالفات دولية، وإعلام، ومراكز دراسات كبرى، ومليارات تصرف في مجال المعلومات؟!!

يكفينا الكاتب، وبقية التيار المشابه في التعدي على صلاحيات لا يمتلكونها معرفةً وقدرةً، والخوض بناء على تصورات لا يجوز شرعًا الخوض فيها وهم لا يملكون التصور ولا أدنى أدواته- يتعدون هذا التعدي الخطير من داخل منازلهم وبلا أدوات جلب للمعلومة ولا أدوات تحليل ولا ميزانية ولا كوادر، ويجتهدون قدر اللازم في تصفح تويتر والمواقع السياسية والفكرية التي يكتب فيها أناس آخرون (هم جالسون كذلك في منازلهم على نفس الإمكانات)، وخلاص، يجمعون من المعلومات ما (يلفت النظر)، وما يجعلك (تلاحظ)، ولا بأس من أن أنسب المعلومة لـ (أهل الخبرة!)، والبقية الباقية: (نفهمه)، و(نلمسه) من الخطاب، والخلاصة نأتي بها (مما يظهر لنا)!!! وبلاش ديوان ملكي.. ووزارة دفاع.. وبلاش ابتعاث بالمليارات لكوادر تتدرب سنويًا في مجالات الأمن والاستخبارات.. وبلاش مخاطرة بالجواسيس في أراضي الصراع.. ولا داعي للدورات تلو الدورات للتطوير.. مع رقابة.. ومسوح أمنية.. ومهمات خطرة لجلب المعلومات.. إلخ إلخ.

لا.. أبدًا.. كلفتم على أنفسكم.. مليارات وفلوس تذهب هباءً، ونحن وتأملاتنا وملاحظاتنا وتصفحاتنا اليومية موجودين؟!! حرام والله.. وفروا على الميزانية.. من الاجتهادات المنزلية، ودعونا نحن نفتي في حرب أذربيجان، ونحكم على الشخصيات في فتنة الشام، ونفصل في مآلات (الثورة) المصرية، ونحكم بما نشاء بأنه انقلاب، وبما نشاء بأنه ثورة؛ بل ونصنف بأن هذا حق، وذاك كفرٌ محض.

تذكرت أحد المتخصصين في علم الحديث حين سُئل في شأن سياسي عام 2011 م بداية هذه الفتن.. فاعتدل في جلسته.. ورفع عيناه متأملًا الأفق الخاوي.. وتهيأ ليتكلم ويفتي واثقًا في شؤون عظيمة.. وبدأ كلامه بقوله: (أصلي كنت بقرأ في السياسة قديمًا)!!

بهذا الاعتداء على مناطق خطيرة جدًا من صلاحيات الدول وإمكانياتها.. وبدخولهم لمنطقة الجهل العميق.. كنا نعيش الفوضى فكريًا طوال السنوات التي كانت تسيطر فيها فكرة إمكانية الإفتاء في شؤون عسكرية وسياسية خارج نطاق تصور الدولة عما يجري بناء على متابعة الأخبار ومن مصادر تركبهم عقولهم ركوبًا وتلوثها لوثة من الصعب جدًا الشفاء منها.

ويظن الواحد منهم أنه (منعتق) من رؤية وطنه، إلى مساحة الشريعة وفقه الواقع، فإذا هو يتحول لدابة ترعى في مراعي الاستخبارت المعادية لبلده ولمصالحه الشخصية في النهاية، وغاية ما يريدون كما نصّ أحد رجال تلك التنظيمات: أن تقوم الثورة، ويسلم شمال المملكة وشرقه لإيران، ويموت (المتدينون) جوعًا في نجد.

أستحضر هنا ثلاثة مشاهد لا أنساها، ولا يمكن أن أنسبها لشريعة الله مطلقًا؛ لأنها سذاجة وافتئات مخجل، لو أتيت أحد هؤلاء في عمله داخل الجامعة أو التدريس واعتديت على صلاحياته لأكلك بيديه ورجليه:

  • المشهد الأول: ما حصل في حرب الخليج (غزو الكويت)، من (رفض) صحوي لقدوم القوات الأمريكية، وأنا أتحدث هنا عن سجل محفوظ ومتاح، ويستطيع أي شاب أن يرجع إليه ويتابع كل (تصوراتهم) عما يحصل، والذي تلخصه كلمة: محض هراء. وهي لطيفة مقارنة بما ستقوله حين ترجع لتلك التصورات المخجلة.
  • المشهد الثاني: مقطع من شريط مظاهرات بريدة، يقف أحدهم أمام المايكروفون ويقول: نطالب بقطع العلاقة السياسية مع مصر؛ لأنها دولة طاغوتية تحكم بغير ما أنزل الله.
  • المشهد الثالث: مظاهرات تحت شعار الدفاع عن النبي ﷺ، لكن المكان المحاط هو إمارة الرياض، والمطالبة هي طرد السفير الدانمركي.. كذا.

لو قلنا أن نسبة المعلومات في السياسة مقداره 100%.. فإن بعض الدول تملك أدوات بميزانيات ضخمة تستخرج عبرها وبالكاد 85% من معلومات الحدث، ثم تصفّيها وتحللها بأدواتها الدقيقة والمعقدة والمكلفة، وهذه النسبة في عالم السياسة عظيمة للغاية.. وربما بالتعاون مع دول كبرى يصلون إلى نسبة أعلى.. وقرارات موفقة.

وهذا الكاتب وأمثاله من الداخلين في تلك المناطق الموبوءة بالأسرار والمخاطر، والمفخخة بالأعمال الاستخباراتية، بأدوات بسيطة.. ووسائل مستهلكة.. يمتلكون عبرها ما لا يصل إلى 10% من معلومات الحدث (وأنا مع هذه النسبة في غاية الكرم).. ويحللونها بذات البساطة التي يمتلكونها.. ولكنك تجدهم مع ذلك وبكل ثقة ينقلون معهم هذه الـ 10% وتحليلات (لاحظت وتأملت وأخبرني الثقاة.. إلخ) ويحيطونها بهالة العلم الشرعي ويدسونها بين الآية والحديث.. وربما معلومات الجلسات الخاصة.. وبرمجات القنوات المعادية والمواقع الإخوانية.. وبناء على هذا الخليط القابع في منطقة الجهل: يُحرّضون ويشجعون ويصفقون وينهالون بالمدائح والتزكيات وتصنيف الحق والباطل والنفاق والإسلام في مناطق التوتر والصراع العسكري والمخابراتي بين أمم الشرق والغرب وضد أو مع دول ذات خبرة عميقة وعريقة لعقود في الأمن (كالدولة السورية)، والجماعات المتنوعة المجهولة غاية الجهالة مهما كان معلوماتك عنها من الإعلام.. يتصدرون لكل ذلك في جهل عميق بغالب المعلومات المهمة والمستجدة والمصيرية.. لذلك تجدهم مثلا قاموا بتزكية أنظمةٍ وشخصياتٍ وسوَّقوا لها لسنوات طويلة وبشكل أسبوعي وشهري بلا انقطاع، قبل أن يظهر للجميع نواياهم السيئة تجاه الجزيرة العربية، والمملكة العربية السعودية خصوصًا، مع ما ينبني على هذه التزكية من كوارث أثبتت الأيام أنها حصلت كما كان متوقعًا من القلة الحكيمة التي كانت تحذّر منهم ومن تزكياتهم وتصنيفاتهم، وقد رأينا الشيخ عائض القرني أتم الله عافيته يقول عن أردوغان: ما كنا ندري عن حقيقته.. وليس لنا إلا الظاهر. مع أن هذا الكلام يُقبل ممن لا تأثير له، لكن هذا الخليط من الجهالة بحالهم والجرأة على تزكيتهم.. ذهب فيه ضحايا كثيرون من الجيل انقلبوا خونة لأوطانهم، ومصفقين لهذا الرجل حتى رأينا ما رأينا.

إن الدولة لو سلمت هؤلاء كل الملفات التي لديها حتى تاريخ نشر هذا المقال، ثم تركتهم بعدها لا تمدّهم بشيء.. فإنهم بعد شهر واحد فقط يصبحون في عالم السياسة والاستخبارات جهلة جهلًا عميقًا وغير مؤهلين للإفتاء في شؤونها الحالية بحرف واحد، فضلًا عن التصنيف: هؤلاء أهل حق وأولئك أصحاب باطل.. إلخ، لأن مستجدات العالم وتحالفاتها ومصالحها خطيرة ومصيرية ومتغيرة ومتبدلة، ولعل أوضح مثال على ذلك، ردة فعل السياسيين حين يتركون مناصبهم ويظهرون في اللقاءات أو يكتبون بعدها عن أحداثٍ وقعت بعد مغادرتهم لمناصبهم.. تابعوهم.. والله كأنك تتابع وتستمع لرواد المقاهي والمجالس، وذلك لأنَّ الواحد من هؤلاء ابتعد عن (دوائر المعلومات، والقرار).. فعاد لتلك الـ 10% التي يدور حولها عموم الناس.. فمقلّ أو مستكثر من هذا الجهل.. أو لنسمّه على أفضل حال: العلم الناقص كثيرًا.

بل إنَّ بعضهم إذا ظهر في تلك اللقاءات تورّع كثيرًا عن الحديث في بعض الأمور الحساسة، وذكر جُمَلًا يبرّر فيها هذا التورع من قوله: بما أنني بعيد منذ فترة عن المنصب، لا أستطيع الجزم.. ونحو هذه الجمل، لاستيعابهم بسرعة المتغيرات، وكثرة التقلبات في ميدان السياسة وأحداثها.

وما أجمل ما قاله معالي الوزير عادل الجبير قبل سنوات، أيام الانتخابات الأمريكية التي انتصر بها ترامب، حين بدأت علامات فوز ترامب تظهر، فاستعاد المذيع لعادل الجبير مقولات ترامب القاسية قبيل وأثناء الانتخابات عن السعودية، فقال كلمة رائعة لا أذكر نصها، لكن معنى ما قاله هو أن كل رئيس أمريكي يبدر منه هذا الأمر في الانتخابات وموسمها السخيف لمجرد الدعاية، ولكن حين يصل للمكتب، وتوضع أمامه الملفات ويستعرض المعلومات التي كان يجهلها قبل ذلك ويستحيل أن يجدها كشخص عادي في الصحف والإعلام والمجلات والمواقع، سيعرف مكانة المملكة العربية السعودية كدولة حضارية صادقة وواعية وتطلب السلام والخير.. يعني بمعنى هذا الكلام تقريبًا.

هذا -طبعًا- غير الغزو الاستخباراتي القطري/التركي/الإيراني للعقلية الصحوية/السرورية داخل السعودية عبر أدواتها من قنوات (الجزيرة، الحوار، العربي.. إلخ)، أو مواقع (مجلة العصر، الإسلام اليوم، المختصر، رصد.. إلخ)، أو حسابات مستعارة أو تجارية إعلامية لسنوات طويلة.. والذي جعل طالب العلم أو العالم أو الواثق بهم المتأثر بـ (أفكارهم) وليس فقط (علمهم الشرعي) بكل بساطة ورغمًا عن أنفه (هاتف خيري) (وليس عملة!) لهذه الأنظمة، ينقل لك وللمتأثرين به من طلابٍ ومريدين المنهج السياسي لتلك الدول في التعامل مع قضايا المنطقة، بل والقضايا في خارجها، ويردد حتى مصطلحاتهم: القائد فلان شيطان العرب (فيأتي هؤلاء يكرهونه ويكرّهونك به)، حفتر عميل صهيوني فلول إلخ (يأتي هؤلاء في صفحاتهم فيُجمعون على ذلك).. جبهة النصرة مجاهدون (تورّع تام أو متأخر كثيرًا عن تصنيفهم) إلخ، وعندك هذا المقال كنموذج بسيط تراه ينقل لك اتجاهات الاستخبارات المعادية حول المنظمات الإرهابية في سوريا وليبيا بسبب البرمجة التي استولت على قلم كاتبه باعترافه هو لا افتراء، وهذه البرمجة التي تولتها الجهات المعادية لبلدنا لديها قدرة على الاستيلاء على عقل طالب العلم باسم الدين حتى تتلبسه وتُوجِّه قرآنهُ وسنتهُ ومصطلحاته وكل شيء، فتجده يُخْضِع سنوات طويلة من تعبه وسهره في طلب العلم والقراءة والحفظ والكد والعمل بها وتزكية النفس في ظل أمانٍ وفرته له دولته المباركة.. لهذه البرمجة، فيكون خنجرًا في خاصرة جزيرة العرب، وحصان طروادة الفوضى، ويكون لسان الحال: فليتك ثم ليتك ما علمتَ.

*          *          *

بقي سؤال أخير: ما سبب ما جرى من فوضى؟ (واستعرض هذا المقال نموذجًا بسيطًا للغاية مما كان يجري من ويلات وكوارث).

الجواب طويل جدًا، ومحزن جدًا، وعميق جدًا، ولدي كلام كثير عنه، لكن سأركز الإجابة وأقول:

السبب أن هذه المناهج تُخرّج وتنتج جيلًا لا يعترف مطلقًا بمظلة الدولة.

مسألة أنك تجلس وتنتظر رأي الدولة بهذه المنظمة أو تلك.. غير وارد مطلقًا في حسابات أجيال من هؤلاء، الناتج النهائي لجهودهم التربوية والعلمية: شخص بلا انتماء لبلده.

لديهم (ستايل) معيّن لشفاء الغليل على الأحداث السياسية والعسكرية، مبني على شحن معلوماتي وعاطفي عبر جهات لا تريد به ولا ببلاده خيرا، فتجعله ينتجُ أخطر الآراء في نطاق ما برمجوه به، وفي أخطر المناطق، بلا أدوات تؤهله لأن يرى فيها شيئًا فضلا عن الإفتاء والتصنيف والتحليل.

مسألة أنك ترجو من مثل هؤلاء المشايخ أو طلبة العلم حين يسأل عن شأن سياسي خطير أن يقول: (أنا أتوقف وغير مؤهل مطلقًا للتصدر لهذه الأمور الخطيرة، فالرأي ما ترى دولتنا، ولديها من الخبرة والتاريخ والإمكانيات والكفاءات والتحالفات ما يجعلها هي المؤهلة للتعامل مع الأحداث والمنظمات وتصنيفها، وعلينا السمع والطاعة لها والثقة أن مصالحنا متطابقة مع مصالحها.. فنحن كلٌّ واحد.. ووراءها في كل خطوة.. ولا يجوز أن نتصدر لهذه الأمور الكبيرة نظرًا لاستحالة الإلمام بها من فريق علمي متكامل فكيف بطالب علم أو شيخ.. وغاية ما يمكن أن نقوم به هو أن نتحدث عن الموضوع بعد ما تقدم لنا الدولة بيانًا شافيًا عن الحدث فننطلق من بيانها وننتهي إليه لتوضيح التعامل الشرعي) يا ساتر، إذا كنت ترجو ذلك، فهذه كبيرة من الكبائر عندهم.. بل هي وإثم السجود لصنم.. واحد.

تخيل معي فقط لو أنّ نظرتهم للإخوان المسلمين تغيرت منذ اللقاء الشهير للأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله، والذي بين فيها خطورة هذه الجماعة، وشرها المستطير.

كم باب شر وثغرات كانت لتغلق لو أن أفكار ذلك اللقاء صارت حقائقَ وثوابتَ عندهم، وكم كانت لتكون أحداث ٢٠١١م مختلفة بشكل كبير لو أن الفئات الكثيرة التي جعجعت فيها انطلقت من الحقائق المذكورة في ذلك اللقاء، ولما احتجنا لانتظار إحراق الأخضر واليابس والكثير من الخيانات وانكشاف الأمور لمعرفة شر هذه الفئة.

وأتذكر هنا الهجوم على فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى حين تحدث عن الثورات وعن كونها فتنة منذ بداية الأحداث، وكانت إجابته في سياق الحديث عن الشام، فهاجموه، وسخروا منه، ونبحوا ضده، قال قائلهم أن هذا القول بحد ذاته فتنة وأسقط قوله تعالى (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا) على هذا الشيخ الصالح، فلما توالت الأحداث وتيقنوا من كونها فتنة بحق، وحين عمّت شرها وطال دول العالم، تم الاعتراف بحصولها، ثم بدلوا الأمور وصارت الفتنة الآن أمرًا ممدوحًا عندهم، وبالعكس، ضرورية (لتنقية الصف!)، وقال نفس القائل السابق: زوال فتن الشام يتلوها نصر الإسلام، وقوّة الإيمان، وضعف النفاق، ففي الحديث الصحيح: (ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام)!! فانظر كيف يتذبذبون بغياب التصور.

لا توجد مظلة تستظل بها نواتج الصحوة أو السرورية، ربما يلهي أحدهم نفسه بعملٍ دعويٍ أو فكريٍ أو علميٍ لحين (ارتفاع السقف) أو (التمكين) الذي يأتي له بالمظلة أو حتى الموت على عدم البيعة والانتماء، لكنه إلى ذلك الوقت سيمشي في خطٍ موازٍ لخط الدولة ولا يلتقي معه إلا تُقية، ولكنه وياللسخرية، يلتقي بأراذل الجهات الفكرية من يسار وإخوان، والاستخباراتية كالدول المعادية لنا.

هذا الظلّ المفقود هو أحد الأسباب الرئيسية التي عانت بفقدانه المنطقة منذ غزو الخليج، وعانت مصر منها قبل ذلك، وهي ليست مجرد كلمات في موقع أو كتاب، لا.. هي أخطر من ذلك بكثير، فكم من كلمات قيلت في غزو الخليج عام 1990.. سفكت دماء في الربيع العربي 2012.. الكلمة خطيرة.. والذي يقول لك: أتخشون من كلمة يا جبناء؟ قل: نعم.. نخشاها.. فالكلمة تلقي صاحبها في النار سبعين خريفًا.. وتدمر الأمم.. وتسفك الدماء المحرمة.. وتلغي شرعية دول عظيمة من جذورها.

الكلمة سفكت دم عثمان ظلمًا وطغيانًا.. وفتكت بالكثير من عظماء التاريخ.. وهمس العباسيين أقام المجازر في الأمويين.. ولمز الأعاجم في قصور العباسيين.. ألقى بالأمة في عصور الانحطاط.

*          *          *

وأخيرًا.. أتدري ما المحزن في هذا الموضوع؟ المحزن أن يأتيك حامل الأسفار ويقول -حين تحاسب الدول من يشارك بقلمه أو لسانه في فتنٍ عصفت بالأمة كما لم يحصل في التاريخ- صارخًا: أتريدون فصل الدين عن السياسة؟

ولا يدري أن منع مثل هذا النشاط الخطير ليس فصلًا للدين عن السياسة؛ بل فصلًا للتصورات الجاهلة والغبية والتي تصدر بجهل عميق.. عميق جدًا.. عن السياسة.

فالبعض مُبدعٌ مثلا في الحديث عن الرقائق، في الكلام عن تدبراته القرآنية، في شرح المتون العلمية.. في المواعظ والنصح وتوجيه الشباب لمعالي الأمور وعمارة القلب بالإيمان واليوم بالباقيات الصالحات.. لكن ما أن يخطو خطوة خارج مجاله؛ لأنه أُوهِمَ بالتربية المنهجية الخاطئة والبرمجة الإعلامية الدخيلة أنه مؤهلٌ لعظائم الأمور وقادر عليها، وأن دولته لا تشفي الحق فى الجانب السياسي، بل وليس لها شرعية من الأساس حتى يتبعها- ينفضح، وانظروا لكمية السذاجة والجهل في مقالاتهم وفتاويهم وبرامجهم وجلساتهم وأحاديثهم حول الأحداث التي حصلت، والمصيبة كل المصيبة أن شبابًا وفتيانًا كانوا يتداولون مثل هذه الخزعبلات المخجلة كفتحٍ عظيمٍ من الله تعالى، وهي ثغرةٌ عظيمةٌ نفذت منها استخبارات تعض الأنامل على السعودية بلدًا وقيادة وشعبًا وتاريخًا من الغيظ، والمصيبة أن كبار تلك الدول ظهروا في التسريبات مع القذافي وهم يتمنون لهؤلاء (العلماء!) الهلاك جوعًا والحصار والتقسيم!! لكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

إن الفتنة بهؤلاء فتنة البيان الساحر، والمهارة في دسّ الآيات والأحاديث في سياق منهج خطير، وما أسهل أن يُستدل بالقرآن والسنة في أي سياق، لكن العبرة بالمنهج الصائب في ذلك، والإسقاط الموفق، والذي لن يكون مع تصورٍ ناقص في الأحداث، وهو حكمٌ تستطيع أن يوازن فكرك قبل أن تقرأ لهم حرفًا بسؤال نفسك: كيف يملك هذا الإنسان التصور عن أحداث سوريا، وشخصيات سياسية معينة، وهم متبطحون في منازلهم في حواري المملكة وضواحيها؟!!

المشكلة أن تعريف العلمانية (فصل الدين عن الدولة) ومخلفات جدلياته في القرن العشرين أُسقطَ على أمورٍ لا علاقة لها به مطلقًا، فحين يُكفُّ فقيهٌ ما أو محدثٌ ما عن التصدر لأمور في أفغانستان والعراق وسوريا وغيرها، هذا يا عزيزي ليس فصلًا للدين عن الدولة، بل هذا فصلٌ لآراءٍ سياسية وعسكرية خطيرة كان يُصنِّفُ فيها بتصوّر سخيف أعمى حول سوريا وأحداث مصر ومحاولة (الانقلاب) في تركيا.. إلخ، ومصدره المعلوماتي الذي بنى عليه هذا التصنيف والأحكام مجهول!! لكنه قطعًا.. يعمل في خط آخر لا علاقة له ببلده (السعودية) وقطعًا لا علاقة له بقال الله تعالى وقال رسوله ﷺ لا من قريب ولا من بعيد، ولا يملك مؤسساتٍ استخباراتية ولا مراكز بحوث ولا رجال يثق بهم عمليًا في الميدان ولن يملكها ما قامت الدنيا، فهذا طوال التاريخ دورٌ للدول لا الأشخاص.

فتح الباري لن يُخبركَ أنّ جبهة النصرة أداة بيد تركيا، وصحيحُ البخاري لن تجد فيه أن حماس بهجماتها الصاروخية تخدم التوقيت الإيراني أو الابتزاز المادي لحصّالتها التي ابتلينا بها في الخليج، وليس المصلحة الفلسطينية ولا العربية فضلًا عن أهل غزة المساكين.. رهائن حماس، والبداية والنهاية وكل قراءاتك في التاريخ والسياسة والسير الذاتية لن تقول لك أن قناة الحوار تابعة لقطر، والخليفة يركبك لأهداف سياسية قومية وليست إسلامية وتستهدف بلدك وثروتك ولقمة عيشك، وجيش مصر أنقذ مصر فعليًا من تسليمها لمستقبل يُظلم بها وبالمنطقة، وكل علمك الشرعي وجلساتك في القراءة على أهل العلم لن تقدم لك ما قدمته تسريبات القذافي، وهي عيّنة ضئيلة جدًا على ما تملكه الجهات العليا في الدول، مما يقلب التصور تمامًا، ويبين لك حقائق الأمور.

فقدان (تصور دولتك) و(مظلتها) من فتوى المفتي وكاتب المقال وملقي المحاضرة لا شك أنه (عَمَى) و(نقطة عمياء).. سيملأ مجالها قطعًا وبلا شك جهة أخرى موازية لقدرة دولتك، من ناحية امتلاك الأدوات والميزانيات والمؤسسات، وستوصلها إليك عبر جهاتها الإعلامية التي توهمك أنك امتلكت التصور من خلال حياديتهم التي أثبتت الأيام أنها توجيهٌ وركوبٌ امتطوا به سنوات من تعبك وكدك لله تعالى، فأخذوا حفظك وعبادتك ودعوتك وعلمك.. ودسّوا فيها مصطلحاتهم وأحكامهم وأهدافهم.. والنتيجة رأيناها رأي العين، وسنراها إذا لم تفق من سكرتك، وتستوعب ما أنت عليه.

ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.

________________________________

[1] في مقال للكاتب يتحدث عن حدثٍ ما جرى في سوريا قال فيه: (لذلك حين رأيت الناس تتناقل الخبر ذهبت لموقع قناة الجزيرة على الشبكة لأفهم ما الذي جرى بالضبط؟ ومع ذلك عجزت عن إكمال سماع التقرير، وما تمتمت شفتاي إلا بكلمة واحدة "يداك أوكتا وفوك نفخ يا هولاند") فانظر من أين تؤخذ الأفهام!!!.
تعليقان (2)
إرسال تعليق

تزدان المدونة بتعليقاتكم وملاحظاتكم.

  1. رائع جدا ومعك قلبا وقالبا في كل حرف رقمته هنا.

    ردحذف
  2. https://www.youtube.com/watch?v=HH4xdrNW97A
    ولي الأمر يرى ما لا ترى ، فلماذا تتكلم وتغرد وأنت ليس عندك علم بالذي يحصل | للشيخ سالم الطويل

    ردحذف

إعلان أسفل المقال