جاري تحميل ... مُدَونة كِتَاف

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

الانترنت-الدعوة-الإسلام-إلى-الله-كومبيوتر-لابتوب-القرآن-الكريم

حين أعلنت شركة أبل عن وفاة ستيف جوبز، قررت كالعادة –عند أي حدث- أن أذهب إلى محرك بحث تويتر (البديل تقريبًا لخاصية الوقت الفعلي في جوجل.. الله يذكرها بالخير)، لأنه من بين مئات التغريدات المحددة بكلمة بحث لابد أن يتخللها تغريدات نافعة تحوي معلومات مفيدة من روابط وصور وفيديو وأخبار متفاعلة مع الحدث وذات قيمة، فالرجل يستحق جولة للقراءة في تجربته ولقاءاته وبعضٍ من أقواله.

لكني قطعت بحثي حين صدمت (مو مرة يعني!) بوجود شباب ورجال مسلمين، وينتمون لدين الله تعالى يترحمون على هذا الرجل الكافر، بل وقفت على دكتورٍ كساه الشيب يترحم.. ويدافع عن ترحمه !

حينها تذكرت مباشرة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل"، وطبعًا لا أقول أنهم وقعوا في الكفر، لكنهم –برأيي- يحومون حول معنى هذا الحديث؛ إذ باعوا صريح آيات القرآن بانبهار من أجهزة الآيفون والآيباد.

ستيف جوبز: عالم، مبدع، مخترع.. سموه ما شئتم، لكن مقدار ما فعله –إذا عدنا حقيقة له- لا يخرج عن قول الله تعالى: (يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون)، ألجزء لا يُذكر من (عرض الدنيا القليل) نخالف نصوصًا ربانية صريحة من مثل: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم)؟! حتى لو خدم الإنسانية فإن علمه بظاهر الحياة الدنيا لا يعطيه فضيلة الترحم التي لا تحق إلا لمسلم وقد نهي الرسول عن الترحم والاستغفار لوالدته وعمه أبي طالب الذي كان من أعظم داعمي الدعوة الإسلامية حين ظهورها أول الأمر، وكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "لا، إنه لم يقل يوما قط رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين" في جوابه عن أعمال هشام ابن المغيرة الإنسانية وعن كونها تنفعه بعد موته.

والعجب العجاب أن يقول لك أحدهم حين تنصحه: (وما أدراك.. ربما مات على الإسلام!).

... (ربما) يا رجل؟!!

(ربما) ذاتها التي تنطبق على قتلى المشركين في بدر وأحد والخندق، وتنطبق على جميع الكفار منذ بدء الخليقة وإلى يومنا هذا؟!!

ألأجل (ربما) نترحم عليهم ونقطع من كتاب الله صفحات مصير المشركين ومنزلتهم عند رب العالمين؟!

يعني كل شخص يُعجبنا نحاول بالغصب أن ننسبه للإسلام في عقدة نقص نظنها خطوات للأمام، وهي رجوع ما بعده رجوع للخلف، فنفسر رفع كاكا للسبابة بعد تسجيل الهدف على أنه مسلم، ونقول أن مايكل جاكسون أسلم وقتلوه لأنه أسلم.. ونصنع قصة كاملة، ونطير بمعايدة ميسي للمسلمين، ونبحث عن تصريحات فناني هوليود عن العرب والإسلام وننشرها وممكن بعد تجينا العَبرة حين يثنون علينا.. وغير ذلك كثير من المظاهر التي تمر علينا في النت.

والذي يغيظني كثيرًا أنه مرت علي مقالات لأمثال الشيخ الطنطاوي رحمة الله عليه وغيره من الأدباء لها 80 سنة وهو يرد على مثل هذه المظاهر السلبية التي يدفع إليها (الانبهار)، تختلف فقط في الجهة المُنبهر منها، من فرنسا في ذلك الوقت إلى أمريكا حاليًا، تعددت العيون الزرقاء.. وانبهار العرب واحد منذ 80 سنة (مع تجدد مظاهره!)، فإلى متى؟!

والله لن تقوم لهذه الأمة قائمة إلا بإعطاء أوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم حقها من التقديس والعمل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)، خصوصًا فيما يتعلق بعقيدتنا، وأعتقد أن كلام الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن العرب في قوله: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، مهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله" هو حكاية عن قدرٍ ملتصق بمصير هذه الأمة، التي جرب شبابها في القرن الماضي كل شيء ظنوا أنه يذهب بهم للتطور والتحضر؛ في الفكر.. من شيوعية لليبرالية وبعثية وقومية حتى المجانين جربوا علينا أفكارهم (كالقذافي)، وفي الفن.. دور سينما وصناعة سينما ورقص ومسرح في مصر والدول العربية، في الانفتاح.. المواخير والبارات والمغنين والراقصات بالهبل.. فهل أغنت عنا شيئا؟!

ستيف جوبز أعطاه الله –بعدله- قيمة جهوده شهرةً وغنًى وذكاءً وكاريزما وعددوا ما تشاؤون من ملذات الدنيا، لكنه ولنا الظاهر ويقين سيرته الذي لا يقطعه إلا ظاهر ويقين، لا يخرج مصيره عن قوله تعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا)، فكل ما بذله لا يساوي شيئًا ما دام لم يوصله إلى ما هو أهم وأعظم وسبب وجوده أصلًا في هذه الحياة.

ولو أنني وجدت أخوانًا لنا يترحمون عليه ما كتبت حرفًا لتأكيد مصيره وإخبار خلق الله أنه في النار، فهذا ليس من أولويات المسلم في الحياة، لكن فعلهم أثارني، وجعلني مع الأسف أذكر بأمرٍ معلوم من الدين بالضرورة.

والطريف وجود فئة تدعو له بالرحمة على الطريقة النصرانية، بقولهم: ارقد بسلام، وهذه لا تعليق عليها سوى أنها تذكرني بالحانوتي بتاع المصارعة، وتجعلني أبتسم فقط لأنها قمة الانغماس في الغير والذوبان حتى في حروفهم وأقوالهم.. وكل شيء.

يا عالم.. هناك أمور أخطر من كونها معاندة لمطوع، واختلاف في الرأي مع طالب علم، القرآن ليس فارغًا من المعاني والوضوح، بل هو صريح وفصيح.. وأوامر الله تعالى فيه تخاطبنا بوضوح، فلننتبه لأنفسنا، واحذروا من تسلل النفاق أو الكفر إلى قلوبنا وألسنتنا، فقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الإنسان قد يقول الكلمة لا يلقي لها بالًا تهوي به في النار.

ثم من جهة أقول: هونًا ما يا جماعة، لن نبدع وننتج ما دمنا لا زلنا في دائرة (الانبهار) التي تخرج معجبين تابعين أذلّة، يعيشون على فتات المبدعين والمنتجين، هدفهم في الحياة العيش تحت ظل النجوم.
6 تعليقات
إرسال تعليق

تزدان المدونة بتعليقاتكم وملاحظاتكم.

  1. صدقت..
    لكن ربما لم تكن هذه الكلمة صادرة عن قلب ووعي..! بل بحكم العادة مثلا..
    فقد جاهدت لأمسك لساني عن الترحم عليه مع قراءتي لنبأ وفاته لأكثر من عشر مرات اليوم!
    انها العادة.. والعادة فقط..
    رغم أني لم أقتن أجهزة أبل التي طارت شهرتها في الآفاق إلا أنني وكمهتم بالتقنية أحزنني غيابه، ليس حبا له بالطبع، ولكن حزنا على غياب الإبداع والإتقان الذي ظهر به! 

    ردحذف
  2. حياك الله أخي.
    مثل هذا الموقف لا يؤاخذ، وهو من باب ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، لكن يبقى أن الأمر خطير جدًا أخي دون مجاملة.
    وبلاك والله من اللي يترحم ويدافع عن الترحم من المسلمين، وبلاك أكثر من مسكين يقولها ليغيض مطوع يتابعه في تويتر دون أي اعتبار لمراقبة الله له.

    ردحذف
  3. أشكرك على هذه النفثة الغيورة ..
    وأود تنبيه نفسي وإخوتي الفضلاء إلى أمر مهم يقترن بعدم جواز الترحم على الكافر أو الدعاء له بالمغفرة وهو : عدم جواز الحكم على الكافر المعيّن بالنار أيضا لأن من عقيدة أهل السنة والجماعة [ ولا نحكم على معين بجنة ولا بنار ] إلا من شهد له الله ورسوله .. وإنما نحكم بالأمور الظاهره والعامه أنه مات على الكفر والكفار مصيرهم في النار ..
    أما الأعيان فحكمهم إلى الله وهو بهم أعلم ..

    ردحذف
  4. حياك الله تعالى أخي مجيد، وبارك فيك على التنبيه المهم.. وفقني الله وإياك.

    ردحذف
  5. مصيبة المسألة لم تقف عند الترحم فحسب بل إلى إعتقاد ذلك والدفاع عنه!!!
    جزيتم خيرا على التنبيه

    ردحذف
  6. وإياك أختي.. .
    فعلًا صدقت.. البعض غاية ما يراه هو أصدقاءه المطاوعة في الفيسبوك، ومخالفيه الإسلاميين في تويتر.. والدعوة عناد ومحاولة التميز بالرأي على حساب أمر الله تعالى.
    هم وشأنهم.. ما علينا إلا البلاغ، وليترحموا بعدها على إبليس، فهي صحيفة أعمالهم يملؤونها بما يشاؤون كما قال أحد التابعين.

    ردحذف

إعلان أسفل المقال