جاري تحميل ... مُدَونة كِتَاف

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

سماعة-كومبيوتر-الدردشة-الصوتية

قبل أن أتجول بنفسي في ذلك الموقع الذي هو في الحقيقة مَجْمعٌ لغرف الدردشة الصوتية/الكتابية دخلت مع أخي في غرفته الصوتية والتي يدخلها دائمًا، فرأيت شيئا جميلا.. لكن جماله لا يجعلني "حبُّوبًا" أمدح الشات كله لمجرد جمال عابر قد لا يكون ظاهرة.. كما اكتشفت ذلك بالفعل، ومع ذلك فقد أعجبت به.. كان الشباب في تلك الغرفة يتناقشون حول بعض القصائد الشعبية، ويتناشدونها بينهم بجدية عامة مع شيء من الهزل الذي لا تخلو منه تلك الغرف.

قلت في نفسي: هذا أمرٌ مغرٍ للغاية، ويغويني للمشاركة في الحديث والنقاش، ففي تلك الغرف تجد من الجرأة على الحديث الجاد والمنظم والفصيح ما تفتقده في نفسك حين تكون في مجلس ذكرٍ مثلا.. أو جلسة تربوية مع الأساتذة والأصدقاء.. ونحو ذلك. وفي تلك الغرف لا وجود للكلفة بين الحضور.. فهي ساقطة منذ اختيارك لاسمك المستعار، فلا بأس إن خلطت بين الهزل والجد في طرحك، وبين الفصحى والعامية، ولا بأس أن تشطح قليلا لمداعبة الحضور.. ونحو ذلك.

أخذت أتجول بين الغرف الكثيرة جدا، واستغربت في هذه الجولة من تلك الغرف التي يجتمع فيها البعض لأجل سماع أغنية.. فقط، يعني -يا هداكم الله-.. مجتمعين، ودافعين فلوس لأجل بناء هذه الغرفة، وحالتكم حالة، ثم في الأخير تعلّقون المايك على أغنية؟! طيب -ومع كونها حرام ومضيعة للوقت- يستطيع من يرغب بسماعها أن يحمّلها من المواقع المنتشرة في النت ويبوء بإثم نفسه، فلماذا إلزام الغير بسماعها، وتضييع غرفة كاملة ذات حضور كثير فيما هو سخيف وتافه؟!

أيضا تعجبت من تلك الغرف التي اجتمع أصحابها لأجل الدردشة الكتابية فقط.. مع إهمال جانب الصوت نهائيا.

أصدقكم القول أنني بحثت بدقة عما يدفع أبناءنا للتعامل بجدية مع الشات، والحماس له، والحديث الدائم عنه، واتصالات.. وتوصيات.. ومؤامرات.. واجتماعات، لكني لم أجد شيئا يستحق، حقا يوجد -كما ذكرت- غرف يصدف أن يحصل فيها نقاش جاد أو شبه جاد عن أمر ما.. أو أكثر، لكن الاهتمام العام كان سخيفا للغاية، تنكيت سخيف (صدقًا.. بعضه ساخرٌ مضحك للغاية!)، وسخرية من بعضهم البعض، ومغازلة للفتيات.. وبعض البنات تقول في نفسك "حقهن وما جاهن" صراحة، قلة أدب وكلام قذر والله لم أجده عند عرابجة الدردشة، بعضهن -بالنظر إلى مشاركاتهن الكتابية والصوتية- مريضات للغاية.. أعانهن الله على أنفسهن وهداهن إلى الحياء.

دخلت إحدى الغرف فوجدت نقاشا طريفًا عن السياحة بين الكويت والسعودية، كان أحد الأخوة الكويتيين يتحدث عن انعدام الأماكن التي تستحق الزيارة في السعودية، وكان مؤدبًا وراقيا.. وطريفًا كذلك، ومن كلامه الذي أستحضره قوله: "ياخي انتم في السعودية عبارة عن طريق سفر فقط.. السياحة يوم.. والطريق أسبوع.. وبجانب الطريق الأيمن بْعِير.. والأيسر بْعير.. إلخ" يقصد بالـ "بْعِير" سفينة الصحراء، لكنه كان يسكّن حرف الباء.. ويتحدث عن البَعير وكأنه لم يره في حياته، وقد كانت مشاركته ساخرة وطريفة ومستفزة كذلك، أحسست -حينها- أنني وقعت على كنز (نقاش جميل في بحر من الدردشة السخيفة!)، طلبت المشاركة للرد عليه فسمح لي بذلك، فقلت له (صوتيًّا) بعد السلام والتحية: "والله يالغالي اللي يسمع كلامك يقول مقطوع سرّه بماليزيا.. كلنا عيال قرية وكلّن يعرف خيّه.. ذكرتني بنكتة البدوي (من ربعنا يعني!) اللي سافر لأمريكا ولبس أفرنجي ولما نزل من الطيارة أخذ يتجول هناك حتى زار حديقة الحيوانات، فرأى بعيرًا في الحديقة، ثم قال: ياااي.. شنو هذا؟ فالتفت البعير نحوه قائلًا: علينا يا مناحي؟!.." ثم أخذت أتحدث عن الأماكن التي تستحق الزيارة في السعودية: مكة.. المدينة.. الطائف.. الجنوب بشكل عام.. الوسطى والشرقية للتسوق.. ونحوها.

أحزنني أخونا حين رد بأنه لا يستحق زيارة مكة المكرمة؛ لأنه لا يصلي أبدا.. وأخذ يردد: حسبي الله ونعم الوكيل عدة مرات، وكأنه استحضر بالفعل أنه لا يصلي.. أسأل الله لنا وله الهداية والصلاح والثبات على ذلك حتى الممات.

من طريف ما حصل أن صاحبنا الكويتي أعْمَلَ الكاميرا في جهازه وعرّفنا على نفسه وعلى أخوانه المتواجدين حوله، ثم فاجأنا بالخروج من منزله حاملا جهازه المحمول ليتجول بنا في حارته قبيل شروق الشمس يُعرفنا على منزله من الخارج وسيارته وبعض أصدقائه وجيرانه، تعجبني كثيرًا هذه العفوية منه، وأيضا من جيرانه كبارا وصغارا ممن تواجدوا في الشارع وحيّونا ولوّحوا لنا بأيديهم بعفوية رائعة. جولته هذه جعلتني أعود إلى أعوام ماضية.. قبل دخول النت في السعودية، كيف لو قال أحد ما أنكم ستكلمون أناسا صوتا وصورة بهذه الطريقة؟! فعلا.. أمر يستحق التأمل كثيرًا، فضلا عن تخيلي أن هذا الأمر سيُذكر لشعوب القرون الماضية.. كانوا سيسمون القائل بالجنون المحض.

تجولت في الغرف الأخرى ولكن للأسف كل ما فيها سيء، تذكرت أشهر الغرف في الانترنت وحمدت الله تعالى على تميزها، كغرف أهل السنة المتنوعة في البالتوك ونحوها، لكن مشكلتها -وهي ليست مشكلة في الحقيقة- أن النقاش فيها علمي وجاد ومتوتر كذلك، ومن الصعب أن تدخل معهم لتجرّب نفسك.. فهم قد تجاوزوا ذلك بكثير، وصاروا يشترطون شروطا صارمة للدخول في النقاشات.. وهذا من حقهم، خصوصا بعد بروز آثار تلك الغرف الإيجابية من إسلام الكثير ممن غرقوا حينا من الدهر في مستنقعات البدع والكفر، ومتابعة المئات لهم ممن يبحثون عن الحق.. فلا مكان لمجرّب أو متلعثم.

للأسف.. خرجت من الشات ولم يحفل باهتمامي أبدا، كنت أتمنى أن توجد غرف للنقاش المفتوح، فلا شروط صارمة، ولا مكان للسخف والمغازلة والحديث السافل، بل تكون تلك الغرف كالجلسات الشبابية العامة.. نجد فيها راحتنا للحديث عن همومنا واهتماماتنا بين شباب جادين وقت الجد وهازلين وقت الهزل.. وأنقياء من شوائب الدردشة.. لكني لم أجد شيئا من ذلك، والحمدلله على كل حال.

الجزء الأول:


4 تعليقات
إرسال تعليق

تزدان المدونة بتعليقاتكم وملاحظاتكم.

  1. أهلاً بعودتك ..

    أما الغرف الصوتية أو البالتوك فإلى الآن لا أعرف آلية الاشتراك فيها وكيف أُحادث غيري وهل هي برسوم أم لا وهذا جهل مركب من شخص عرف الانترنت من بداياته وتحديداً عام 2000 و 2001

    ردحذف
  2. أهلا بأبي محمد،
    الدردشة صارت أسهل من الماضي.. تدخل للموقع فتجد أيقونات كثيرة (غرف) تضغط على أحدها فتظهر الغرفة.. وهناك أيقونة للحديث والكتابة.. بدون أي اشتراك.. تدخل الصفحة الرئيسية وتختار أي اسم ثم تدخل.

    مع الأسف.. نادرا ما تجد جمعًا يرغب بأحاديث شبابية للوناسة والمتعة كالجلسات العادية، اللي مشغل أغاني واللي يشتم ويلعن.. واللي واللي.. يارب تهدينا جميعا للخير والصلاح. آمين

    لن تجد مثل الغرفة الصوتية للمعالي.. لكنها ضيقة الحدود والوقت.

    شكرا لطيب مرورك أبا محمد.

    ردحذف
  3. هدى الله الجميع لكل خير ..
    وارشدهم لطريق الصواب ..
    أخرجت ما في نفوسنا عن هذه الغرف اللتي ليست سوى مضيعة للوقت ..الا من رحم الله ..
    شكرا لك اخي على هذا الطرح الرآئع واسلوبك الذي ليس ببعيد عنه ..

    ردحذف
  4. آمين.. جزاكم الله خيرا على طيب مروركم، وكريم ردكم.

    ردحذف

إعلان أسفل المقال