جاري تحميل ... مُدَونة كِتَاف

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة



حملة شعبية انطلقت بعد صمت السنين وصبرها على النظام التركي، هذا الصبر الذي أمسك جمرًا منذ قضية خاشقجي، مرورًا بصرخاتهم بين الصفا والمروة، وحتى استشرافهم بمسألة التطبيع وهم غارقون فيها باعتبارها خيارًا سياسيًا متاحًا لهم، وفي هذا المقال أذكر بعض الأسباب التي تدفع السعوديين لمثل هذه الخطوة بلا تردد، ففي العالم حوالي ٢٠٠ دولة، فلماذا يخطو تجار المملكة وعموم ناسها هذه الخطوة ويعلنون عن هذه الحملة ضد هذا البلد بالذات؟!

١. استهداف المملكة العربية السعودية قيادةً وشعبًا:




بعد حادثة خاشقجي رأينا المسؤولين في تركيا، يتقافزون من مكان لمكان، ساعين بكل ثقلهم الدبلوماسي والسياسي لإيقاع عقوبات اقتصادية ضخمة ضد المملكة العربية السعودية، ما يعني محاربة الإنسان السعودي في رزقه ولقمة عيشه، ومحاربة المسؤول الحكومي في الموارد التي تعينه على إدارة الدولة، وكان هذا بمثابة إعلان حرب اقتصادية ضد بلدنا، حتى إن بلادنا نشرت ذلك البيان الشهير الذي قالت فيه: تؤكد المملكة رفضها التام لأي تهديدات ومحاولات للنيل منها سواءً عبر التلويح بفرض عقوبات اقتصادية، أو استخدام الضغوط السياسية، أو ترديد الاتهامات الزائفة.

إلى قولهم: ومآل هذه المساعي الواهنة كسابقاتها هو الزوال.

وقد كان، بكل فخر.

وهذا التحرك لم ير كل المسؤولين والدول التي لطالما صرخ ضدها ثرثار الأناضول ربع هذا السعي السياسي الجاد من نظامه، لا بشار الأسد ولا اسرائيل، ما يعني أن حادثة خاشقجي كانت فرصة نادرة للنظام التركي لإظهار هدف رئيسي لديه لأسباب عقدية وسياسية تجعل السعودية بشكل خاص والجزيرة العربية بشكل عام عدوًا يُتَربّص به، بل رأينا سمو ولي العهد هدفًا واضحًا وجليًا من هذه الحملة المسعورة، فقد قام بتخريب كل مشاريعهم، وألقى الكثير من ملفاتهم التي أملوا من خلالها وتأملوا.. لمزبلة التاريخ، وكان فارس المرحلة بحق، وحامي جزيرة العرب من مشاريعهم الخبيثة التي تريد أن تهدم، وتمزقنا شعوبًا وقبائل لنتحارب ونتقاتل، ويفرّون بكنوزنا إلى شعوبهم وإلى (إخوتنا في الله) ليسرقوها ويهنؤوا بها، بينما نصير مرتزقةً لمشاريعهم، أو فلولًا يبتزون بها أوروبا.

٢. تدميره لسوريا من خلال الميليشيات التي احتمت بحدوده:



وصل الثوّار إلى داخل دمشق وضواحيها، وكان غاية ما يراد من سوريا في ذلك الوقت أن تحسم المعركة لصالح طرفٍ معتدل يحافظ على المؤسسات ولا يدع لشياطين الفراغ فرصة، وكما الدجّال الذي يخلف المسلمين في ذراريهم، خلفت القاعدة ثم داعش الثوار في ديارهم ومناطقهم وقاموا باحتلالها، ثمّ حَلّت قصّة البيعة بالطبع، التي هي كليشة متكررة للتدمير الذاتي، وفعلًا لم يخذلوا الظنون، فبدأت الحرب المفتعلة على هذا الوهم المسمّى بالخلافة، وبدأت مشاهد الانشقاقات، وتدمرت الثورة السورية تمامًا وطالت أيامها السوداء، حتى دخل الأتراك واحتلوا أجزاء من هذا البلد العربي باسم حماية المدنيين وإيقاف الهجرة، وبدأت قصّة الباصات الخضراء، ورأينا باصات الدواعش والقاعدة تفرّ إلى مناطق أردوغان (الآمنة)، مع أنهم طوال أيامهم السوداء في الشام كانوا يعلنون العداء معه، حتى حَلّ المشهد الظريف الطريف الذي هلك فيه إبراهيم عواد، البغدادي، خليفة الدواعش، داخل تلك الحدود الآمنة، قريبًا من نقاط التفتيش التركية، قريبًا من جنود جبهة النصرة الذين يظهرون تكفيره، وكان يظهر تكفيرهم، ليتضح في نهاية الأمر كونهم يمسون ويصبحون ويحتمون ضمن حدودها المحتلة من أراضي سوريا.

وصار السوريون بعد ذلك بين ورقةِ ضغطٍ يستخدمها ضد أوروبا، فإذا حان وقتهم ظهر المعارضون له (كما يزعمون) من العدم في صبيحةٍ سوداء على السوريين، وقاموا بكسر محلات السوريين في تركيا، وأثاروا الرعب بينهم، ليفرّوا إلى حدود أوروبا عبر السفن، وما أجمل أن يموت طفلٌ ما أثناء الهرب؛ ليحمل صورته بين يديه.. ويُكمل الإعلام العالمي المسرحية نيابة عنه.

وبين فئات افتقرت وتأدلجت، يُخطف أبناءهم من بين أيديهم (والأدلجة الباطلة اختطاف!)، ليلقيهم في فيافي ليبيا، وجبال أذربيجان، لعلهم يجدون ثمرة الثورة السورية هناك!

٣. تطبيعه مع الكيان الصهيوني المجرم الحيوان.. إلخ:



بالنسبة لي، فأرى أنَّ مبدأ الصلح مع العدو حق أصيل للدول، لكن هذا السبب أُغَلّفه وأُقدِّمُهُ كهديّة لكاذبي الأفكار، من الإخوان، والمتعاطفين معهم، الذين لم يُبقوا نقيصةً لم يقولوها في الإمارات بعد ممارستها حقها الأصيل في الصلح.

وحَسَب كلام هؤلاء الظرفاء فكريًا، فإنهم يزعمون أنهم ضد (جريمة) التطبيع على إطلاقها، ولكن لسببٍ ما (سأظهر نفسي وكأنني أجهله) لا تجد منهم تركيا إلا الثناء والثناء فقط، وأما أردوغان فقد نال من الثناء الموثّق من رؤوس هؤلاء مالم ينله قائدٌ تاريخي، حيث كان بالنسبة لمشروعهم الفاشل: صلاح الدين.

وكلما خطا خطوة اتجاه اسرائيل صار التطبيع ضرورة، وأنه جاء والتطبيع موجودٌ قبله، والسلبيات موجودة، ويحتاج إلى (التدرج)، وقد حكم الرجل زمنًا يتجاوز زمنيًا حكم كثير من حكام التاريخ فلم نر تدرّجًا خارج نطاق الدعاية لنظامه، ولن نرى، إلا حجابًا دخل به البرلمان، بينما العاهرات أعزكم الله تقف في تقاطعات اسطنبول، ويركبن السيارات ذات الأحواض ويتراقصن فوقها أمام عموم الناس في شوارع أنقرة دعايةً لمواخيرهن ومراقصهن في مقاطع يأنف الإنسان من إثبات وجودها؛ بل شاهدنا تدحرجًا لتركيا نحو الهاوية، سواء أكان ذلك على مقاييس الأسوياء، أو على مقاييس المتشددين؛ لكن المستحيلات ثلاث: الغول، والعنقاء، وتدرّج تركيا. هذا التدرّج الذي جعله أصحاب الولاء الخارجي (رفعًا للحرج) أمام تساؤلات أتباعهم حول التناقض الصارخ بين نظرتهم الاستثنائية لأردوغان والحكام العرب رغم أنهم يمارسون صلاحياتهم في لعبة المصالح والمفاسد، والتي هي من صلاحيات الحكام لاعتبارات يجدونها في مركزهم لا يجدها رجل الشارع العادي، لكنهم ألزموا أنفسهم فكرةً واستثنوا هذا الحاكم منها، لا أرى سببًا منطقيًا لذلك إلا الانتماء الحزبي، كما كان حالُ القاعدة وبعض شبيبتها الذين أفاقت خليّة ما في عقولهم فانتبهوا إلى الاتفاقيات الصامتة بين القاعدة وإيران ووصايا بن لادن بعدم المساس بها، فانطلقوا يتساءلون عن مبررات هذه الخيانة الصلعاء للأمة؟!

وللحق، فهناك تدرّج في العلاقة مع اسرائيل، لكنه تدرّج زاد العلاقة ودًّا وصداقةً، تخلله توتر ٦ سنوات بسبب مقتل عدة أتراك في سفينة مرمرة لا أكثر، وعادت العلاقات بعد دفع التعويضات أقوى وأكثر صلابة.. وحِنّيّة.

فدونكم هذا السبب إن كان موضوع التطبيع يُعتبر سببًا مقنعًا لديكم.

٤. تسليمه للإيغور بعد عقد من الثرثرة عنهم:



ونحن هنا بين مشهدين قائلهما شخص واحد وهو أردوغان:

المشهد الأول:

«نطالب الحكومة الصينية بالتخلي عن التنكيل لانه لن يعود عليهم بالنفع، إنّ أي دولة وأي مجتمع يعتدي على حياة وحقوق مدنيين أبرياء لا يمكن أن يضمن أمنه ورخاءه» - «سواء كانوا أتراكا إيغور، او حتى صينيين، إننا لا نستطيع السكوت عن هذه الفظاعات، ومعاناة الايغور هي معاناتنا».

المشهد الثاني:

«ثمة جهات تستثمر مسألة الأيغور لزعزعة العلاقات مع الصين» - «إن الإيغور يعيشون بسعادة في منطقة شينغيانغ للإيغور التي تتمتع بحكم ذاتي بسبب ازدهار الصين، وتركيا لن تسمح لأحد بدق إسفين في علاقاتها مع الصين».

لطالما امتحن النظام التركي عبر إعلامه وعبر أدواته الرخيصة (الإخوان وذيولهم)، الدول العربية في مسألة الإيغور الصينية، بل وصنعوا أخبارًا من العدم يتهمون فيها السعودية ومصر والإمارات بدعم الصين للقيام بمذابح ضد الإيغور، وأن الدول العربية مقصرة، وعلى رأسها السعودية طبعًا والتي يتم توجيه اللوم الأكبر إليها من قبل هؤلاء الأوباش ليجعلوا من ثقلها الإسلامي والعربي موضع تهمة لا ثناء من خلال وضعها على المحك في قضايا معقدة أو غير موجودة أساسًا، ولو كانوا هم على رأس الحكم لما رأينا منهم عُشر المعشار من الذي يطالبون به السعودية وبقية الدول العربية؛ بل لعلنا سنرى منهم الخيانة الصلعاء؛ لأن التاريخ المعاصر يشهد بأنهم أشد الأمة تنازلًا أمام من يُطلقون عليه مسمى العدوّ، ولا داعي للذهاب بعيدًا، فهذا أردوغان، بعد كل الكلام الكثير الذي قام به لأكثر من عقد عن الإيغور تم الكشف عن تسليمه لهم من خلال دولة وسيطة (طاجيكستان)، وبلغ عدد من سلّمهم ٥٠ ألفًا من الإيغور، وكان فضحه على يد أصدقاء الأمس الذين فضحوه بعد أن أخرجهم من كعكة الحكم، وعلى رأس من فضحه صديق الأمس، وأستاذه داود أوغلو.

والإيغور شأن صيني خالص في الأصل، لا يمكن بأي حال من الأحوال تقصي أي حقائق عنه من عموم الناس، وإنشاء عمل موازي خارج نطاق الدول باتجاه قضية لا نعرف حيثياتها كمواطنين عاديين عملٌ باطلٌ وأثبت كارثيته مرارًا وتِكرارًا، وفوق هذا أن تُظهر الابتزاز لدولنا بوجوب (التحرك!) و(إلا) فإنها خائنة للإسلام والمسلمين.. إلخ، والتي غالبًا ما تلمز بها السعودية، ثم نفاجأ أن أصحاب الدعاية والجعجعة يعملون ضد هذه القضية التي هم من أذاعوها، وفوق هذا لا يمسّهم ربع شتيمة على ما يتفرض أنها خيانة للإسلام والمسلمين عند هؤلاء الكاذبين.

٥. قتله للمسلمين والأبرياء (الأكراد) وتنكيله بهم:



بحُجّة محاربة حزب العمّال الكردستاني رأينا الطائرات التركية تقصف إخواننا الأكراد شمال العراق وشرق سوريا وبتعاون وثيق مع الاستخبارات الإيرانية، وباسم محاربة هذا الحزب احتلّت تركيا الشمال السوري، وتم التحالف مع إيران الوالغة في أمن ودماء المسلمين والعرب، وهذه الخطوات كانت غير موجودة مطلقًا حين كان الدواعش يسرحون ويمرحون في تلك المناطق ويمارسون الفظائع ضد أهلها، ولكن ما إن انتصر الأكراد والتحالف الدولي على فلول الدواعش، وفرّقوهم شذر مذر حتى رأينا التركي يفطن لها ويقتحمها ويحرق المدنيين بالفسفور الأبيض عيانًا بيانًا.

٦. تدخّله في ليبيا:



ولم يدع أردوغان لأي إخواني فرصة لئلا يكون خائنًا، فمشهده وهو جالسٌ أمام كاميرات التلفاز، يستعرض خريطة ليبيا بكل غرور وعنجهية، لم يضطر عندها حتى للوقوف على قدميه مبررًا هذا الاعتداء الذي يمارسه، متحدثًا بتعالي عن أماكن تواجد الثروات، فلم يدع لفلول الخونة فرصة عَقَدِيّة واحدة ينفذوا من خلالها ويبرروا دعمهم لهذه الخطوة، ولم يجدوا إلا التأييد الأصلع والتسليم الذي لو كان لله تعالى وليس لأردوغان لكانوا من الذين أنعم الله عليهم، وكان مثل هذا المشهد لِيُوقِظ -على الأقل- النخوة العربية في النفوس، لكن قاتل الله الدعاية.. والخيانة.. والانتماء للغير بحجة معارضة النظام (وهو قناع الخونة في وقتنا) فجعلوا الخيانة نضالًا، والارتماء في حضن العدو ذكاء يستحق الثناء، وهذا من عجائب الزمن الذي لم يُعهد في التاريخ البشري.

فضلًا عن فئة أخرى هي ضد هذا البلد المبارك (على طول الخط)، بغض النظر عن طبيعة القضية، والعدو المقابل، وما الأحداث المتتابعة التي يجب على الإنسان الأصيل أن يقف فيها مع بلده بالنسبة لهذه الفئة إلا (تسجيل موقف مناقض) للموقف الرسمي لا أكثر ولا أقل، فهي تنتظر أي قضية أو حدث أو موقف لتقول لبلدنا: أنا ضدك. وهذا النَّفس الخارجي طِبّه الحزم، وعلاجه السيف: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه»، لا يعقل أبدًا ألا يوافق الإنسان بلده في قضية واحدة، بل على العكس من ذلك، تجده على الضد دائمًا وأبدًا وفي قضايا دماء وانتماء، ولا تفسير منطقي لذلك، ولأجل ذلك كان التوجيه النبوي عن هذا النَّفَس الغريب واضحًا وغايةً في الحَزم.

٧. موقفه من حرب اليمن:



(عاصفة الحزم) حرب جمعت مروءة (ذي قار) وبذل (القادسية) وقد فقدنا فيها من خيرة أبنائنا من فقدنا، بالإضافة إلى شهداء الدول الأخرى في تحالف دعم الشرعية، فهي خط أحمر لكل عربي أصيل، ومسلم معتزّ بإسلامه، وسعوديّ يعلم جيدًا حجم البذل التي شارك فيه الوطن شعبًا وقيادة، حيث إنّ الأعداء في هذه الحرب جمعوا خيانتين: خيانة الدين، وخيانة العروبة. وصار كل حوثي (أبا رغال) زماننا، وكثّر الله خير السعودية والتحالف إذ لم يجعلوا لهم قبورًا تُرجَم كأبي رغال؛ بل أشلاء تفرّقها رياح النسيان إلى مزابل التاريخ.. ولا كرامة.

فوقوف أي نظام أو شخص مهما كانت صفته ضدنا في هذه الحرب هو إعلان عداء صارخ، ووقوف مع أرذل الأعداء وأشدهم تخلفًا وجريمةً، سواء كان الوقوف ضدنا بالسلاح، أو في الإعلام، أو بتكرار الدعاية الحوثية والإخوانية حول (جرائم) التحالف في اليمن، أو أن الحوثيين أنهكونا، أو غير ذلك من دعايات الأعداء التي تحوّل الببغاء الذي يرددها إلى عدو إذا كان من خارج البلاد، أو خائن يستحق أقصى العقوبات على إرجافه ضد بلده.. ولا كرامة كذلك.

وقد تواترت التقارير حول تجهيز نظام أردوغان للمرتزقة السوريين لاقتحام اليمن من بوابة العمل الإغاثي وتم فضحه في كل الإعلام في حينه، وهو مالم تنفه تركيا؛ بل تفاخرت بالندوات التي تحث نظام أردوغان على غزو اليمن، وتمّ لمز الإنقاذ السعودي لليمن عبر مستشار أردوغان وبشكل فج، ولن يفاجئكم بالطبع الخلفية المنهجية والسياسية والعقدية التي تطالب أردوغان بذلك في تلك الندوات، ومَن غير (حزب الإخوان المسلمين) حصان طروادة الأعداء من إيران لتركيا لليسار للشيطان لو كان بيده شيء؟ والذي يظنون أن لهم يدًا في تحريك الأمور، ولا يدركون أنهم ذيل فيها كلها.

إنّ وقوف تركيا هذه المواقف، يجعلها شرعًا وعقلًا في خانة العدو لنا، وللدماء التي بذلها أبناء وطننا في سبيل الله تعالى، ثم في سبيل حماية الجزيرة العربية من زعزعتها عبر أحفاد الخوارج وأبي رغال وبن سبأ، لعنهم الله لعنة عادٍ وثمود، فكيف تطيب النفس بشراء سلعةٍ من نظامٍ يمسّ هذه الخطوط الحمراء التي رسمت بدماء أطهر أبناء المسلمين في السنوات الأخيرة من جنودنا وأبنائنا في السعودية ودول التحالف؟!

٨. إثارة الفوضى في الحرم المكي ولمز استحقاقنا برعايته:



إن هذه الوسيلة الإيرانية فتحت باب شرٍّ في الأمة. لا الأقصى، ولا حتى مكة والمدينة، تبرر إثارة الفوضى داخل شعيرة من الشعائر، فليس ذلك من الإسلام وتاريخه في شيء، كما أنه (حسب اطلاعي للتاريخ يا جماعة!) لم يُعهد في تاريخ مكة، أن هناك من يصرخ ضدّ عدو ما، وهو يقدم له المساعدات في ذات الوقت.

في الوقت الذي رأينا فيه الأتراك يهرولون بين الصفا والمروة في مكة، ويصرخون باسم المسجد الأقصى في مناكفة طفولية للسعودية (في مكان مقدس لكل المسلمين!)، كانت المساعدات التركية الطبية تقدّم لإسرائيل في عز أزمة كورونا، وحين تمّ افتضاح أمرها، رأينا إعلاميي نظام أردوغان يبررون هذه المساعدات بأنها (بمقابل مادي!)، على أساس أنّ هذا يبيّض الوجه الذي لم يبق فيه من ماء الحياء شيئًا، وكيف يبقى وهم يراهنون دومًا في دعاياتهم على من ينخدع بهم، وعلى فئة خائنة (تتخادع) لهم، ولسان حالها: لست بالخب، لكن سأجعل حبيبي أردوغان يخدعني!! وليس بعد الخيانة حياء.

إنّ مشهدهم في الحرم وهم يرطنون بلسانهم بما يشبه نباح المغلوث من السباع كافٍ لمعرفة طينتهم الهمجيّة التي لا تليق برقيّ حضارة الإسلام، لا أدري، ربما كانوا يصنعون ذلك كي يغطّوا بنباحهم هَمسَ المساعدات (المدفوعة!).

«إذا لم نستطع حماية قبلتنا الأولى فلا يمكننا النظر بثقة إلى مستقبل قبلتنا الأخيرة مكة المكرمة» - أردوغان.

تخيلوا أن هذه الجملة يقولها صاحب الخطوط الحمراء الأكثر اخضرارًا في تاريخ الحرب السورية، وصاحب المناطق (الآمنة) التي حصلت فيها أفظع المجازر والمعارك وتجتمع فيها أخطر الميليشيات، وصاحب شعار (صفر مشاكل) الأكثر مشاكلًا مع القاصي والداني.

ومع كون جملته فارغة كبقية المسميات الآنف ذكرها، إلا أنها بمثابة إعلان حرب عند السعوديين، ويكفي مكة والمدينة ما لاقته من تجاهل وتخلف تنموي وعقدي في ظل أجدادهم، ولك أن تقارن صور مدن تركيا بدايات القرن العشرين مع صور مكة والمدينة لتعلم جيدًا جغرافية الاهتمام والتنمية. 

٩. تحالفه مع إيران:



«للحوار التركي - الإيراني دور حاسم في حل العديد من المشاكل الإقليمية، وواثق أن تعاوننا سيعود إلى مستوياته السابقة مع تخفيف وطأة انتشار الفيروس» - أردوغان ٢٠٢٠م.

حجم الود والتواؤم بين إيران وتركيا لا تكفيه مجلدات، و(مجلس التعاون التركي – الإيراني) تتويج لعقود من التقارب سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، بل إن أردوغان يعتبره وسامًا واحدًا من أوسمة الصداقة بين البلدين، لذلك من المعروف عند المعارضة الإيرانية، أن أخطر مكان للتواجد فيه على ظهر البسيطة، هو الأراضي التركية، ولك أن تتفضل بالدخول إلى يوتيوب، وتكتب كلمات بحث من مثل (قتل معارض إيراني تركيا) ونحوها من صِيَغ البحث المقاربة، لتجد فيديوهات لذلك صوتًا وصورة توثّق مقتل هؤلاء المساكين أمام الناس، عيانًا بيانًا، وبشكل متكرر.

وإذا كنت -والعياذ بالله- تتساءل عن عدم وجود ضجيج حول هؤلاء المساكين يشابه ولو ١٪ من الضجيج الذي جرى بسبب قتل خاشقجي، فأنت لا تعرف تركيا، كما أن خديجة لم تكن متزوجة واحدًا من هؤلاء الضحايا، وهنا أنت لا تعرف خديجة، الأمر الآخر والمهم جدًا، القاتل إيران، وأنت هنا لا تعرف عمق العلاقة في السنوات الأخيرة بين هذين البلدين.

وقد كانت إيران وتركيا تتنافسان لإلحاق الشر والخراب في دول المنطقة وبث سمومهم الفكرية والمذهبية القبورية والقومية الطورانية، وهما اليوم يتحالفان كأقرب ما يكون من تحالف لأجل الأطماع التوسعية والسيطرة ونهب الشعوب العربية وتقسيم أماكن الثروات في بلاد العرب بين امبراطوريتهما الخياليتين الملعونتين، ولا لوم على قوميٍّ استغلّ الدين ليقتحم بلاد الغير باسمه من ناحية قومه، إذ هو يعمل لصالحهم في نهاية الأمر، لكن اللوم على النهج السياسي الذي يتمسّح بالإسلام، إذ يعملُ بفكره إخصاءً للإنسان العربي بزعم أن القومية كفرٌ ومصادمة للانتماء للدين، حتى تحوّل أتباع هذه الأحزاب لمسوخ مشوّهة مركوبة من أي طامعٍ ببلدانها، فتخون الأوطان بكل جرأة وبفخرٍ عجيب، بل وتشرّع الخيانة، فأنت آثمٌ عندهم حين لا تخون، ليركبهم التركي باسم الإسلام، والإيراني باسم المذهب، واليساري باسم.. (دعني لا أكمل!)، ويسرق ثرواتهم وينشر الفوضى التي لا تخلق إلا مثلها، ويُحلّ حكم الميليشيات مكان حُكم المؤسسات لأنك بالنسبة إليه أقل من أن تُدار بمؤسساتٍ ودولة، ولك لو تأملت أن تطالع الأماكن التي تسيطر عليها تركيا وإيران لتعرف بطريقة إدارتهم للأمور هناك مدى احتقارهم للعرب وماذا يحملون لمستقبلهم.

١٠. لأنه من العار ألا تشارك في المقاطعة:



بل إن عدم المشاركة يضع علامة استفهام أمام هذا التاجر أو ذاك المواطن.

أما على مستوى الحكومات العربية فإنها مقيدة باتفاقيات دولية واعتبارات أخرى يعلمها رجال الدولة تجعل الاحتجاج بكون الدولة لم تقاطع ساقطة، وهذا الأمر غاية في الوضوح بـ ١٪ تأمل و١٠٠٪ صفاء من لوثة الدعاية المعادية لبلدنا، والمقاطعة إشارة صافية قد انتشرت في بلدنا، وإيماءة حريٌّ أن تلفت نظرنا، واللبيب بالإشارة يفهم، أمّا (المستعبط) فلن يقدّم لك نفسه بصريح الكلام والتوجيه، فلا تطمع منه شيئًا بالإيماء والإشارة، بل تحييد شرّه المنهجي والفكري عن وعي الناس غايةٌ بحدّ ذاتها حتى يتدارك الله وعيه برحمته.

أما توافر الأسباب المنطقية التي تؤدي للمقاطعة فما ذكرته هنا هو غيض من فيض، وما بقي من الأسباب ممّا لم يُذكر كثيرٌ جدًا ويملأ مئات الصفحات منذ تلك الأيام التي افتتح فيها حزب العدالة والتنمية صعوده وتأثيره بالسماح لغزو العراق من حدودهًا جوًا (في حين كانت السعودية تعارض ذلك بشدة كما كانت تقول دائمًا وكما أوضحت تسريبات هيلاري كلينتون حقيقة الأمر)، وحتى ما رأيناه من بجاحة وفجور كبيران باستغلال فقر السوريين، وتحويل أبناء مناطقه (الآمنة) لمرتزقة ومشروع خوف لأماكن أخرى، فيُلقي بهم في مناطق لا ناقة لهم فيها ولا جمل؛ ليغطي جُبن جيشه، وخور جنوده، بالنفوس العربية، ونرى الليبي يُصدم ويدهش حين يرى أنه يتلقى الرصاص من شابٍ عربيّ سوريّ ألقاه في صحاري ليبيا، وظهر أردوغان بكل بجاحة يُشير أمام الشاشات نحو مناطق الثروات، في مشهدٍ استفزّ كل عربيّ لم يُخصى بالكيمياء الإخوانية.. وامتداداتها.

إن أبناء بلدك، من رجال، ونساء، وتجار، يشاركون اليوم في حملةٍ عادلة، تحمل رسالةً لا يوجد أوضح منها، فلم نكن يومًا من المعتدين، وكانت سياسة دولتنا، كما هي دائمًا، نائية بنفسها عن الاعتداء، وتبني علاقاتها على الصداقة والمصالح، مع اعتبار الانتماء للدين، والعروبة، وهذان الاعتباران كانتا نتيجتهما الدفاع عن قضايا الأمة حكوميًا وشعبيًا، ودفعنا من ضريبة ذلك ما دفعناه من ضغوط وجحود ونكران، وقد أظهرت المذكرات والتسريبات وفسوحات الوثائق التاريخية أن هذا هو موقف مملكتنا في السرّ والعلن منذ سنوات التأسيس، وفي وقت المِحن لم نر ملكًا من ملوكنا يشير -باسم الإسلام والعروبة واستغلالًا لاحتياج البلدان الإسلامية لهم- إلى منطقة جغرافية خارج بلادنا على أنها أماكن ثروات ومطمع للتوسع، لا في حروب الخليج المتتابعة، ولا في فوضى ما يسمى بالـ (الربيع) العربي، في حين أنّ النظام في تركيا، انتقل بهذه الدولة من (صفر مشاكل) إلى (صفر حلول)، وينتقل بالمشاكل من بلد لبلد، وفي حين أنّ أمريكا أخضعته بتسليم القس، ورسالة (لا تكن أحمقًا)، وتغريدة ترامب التي لعبت جمباز بالاقتصاد التركي، نراه يعيد الكرّة تلو الكرّة ضدّ بلادنا، حتى جاء مقتل خاشقجي، والتي ظنها -وغيره- فرصةً تاريخية للنيل من بلدنا، فنزع مع أتباعه وعملائه ومراكيبه أقنعة الإسلام والأخوة الإسلامية ورأيناهم يتوحشون ضد بلدنا كما لم نرهم فيه ضد أحدٍ من أمم الأرض، وأخذوا يتقافزون كالضباع المسعورة من منابر الإعلام لمنابر السياسة لإيذاء بلدنا وشعبنا بكل ما يمكن، كما لم يفعلوه حين مات أكثر من نصف مليون سوري في جهةٍ ملاصقةٍ لهم وعلى يد حلفائهم في المنطقة.

إن المقاطعة عادلة، وضرورية، لكفاية شر هذا النظام، وصفعة يجب أن يتلقاها رجال الدولة هناك على ما قاموا به تجاه بلدنا وقيادتنا، من الملك حفظه الله لولي العهد محمد بن سلمان الذي لطالما لمزوه وهمزوه وأساؤوا إليه وشاركوا في الحملات المسعورة والمتكررة ضده من أراذل الاتجاهات السياسية، لذلك، هذه الحملة رسالة الشعب السعودي لثرثار الأناضول يقولون فيها: لا تكن أحمقًا !
تعليقان (2)
إرسال تعليق

تزدان المدونة بتعليقاتكم وملاحظاتكم.

  1. السلام عليكم
    مقال جميل ومفيد
    عندي ملاحظة على المدونة بشكل عام وهي عدم تأريخ المقالات.
    لا أدري ربما هي خاصية أنت لم تفعلها أو تدرجها أثناء إعداد المدونة. فبعض مقالاتك استطعت تحديد تاريخها من خلال التاريخ المرافق للردود، فالرد أجد بجانبه تأريخ أما المقالة الرئيسة فبلا تأريخ.
    وشكرا.

    ردحذف
  2. عليكم السلام ورحمة الله
    الله يعطيك العافية على التنبيه فلم أنتبه لذلك إلا للتو.
    قمت بتغيير التصميم للتو وظننته متكاملًا.. وللأسف التاريخ لا يظهر.
    تصميم المدونة في الجوال يظهر فيه تاريخ المقالات.
    سأقوم بمعالجة الأمر.
    بورك فيك.

    ردحذف

إعلان أسفل المقال