جاري تحميل ... مُدَونة كِتَاف

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة


ككثير من شباب أهل الخليج، لفت انتباهي برنامج الكيك متابعة ومشاهدة.. ومشاركة.

وهو –للقلة الذين لا يعرفونه- برنامج يدمج بين خصائص تويتر واليوتيوب، تستطيع أن تقول: تغريدة فيديوية. حيث تقوم بتصوير فيديو مدته 37 ثانية فقط، وتعرض مالديك في مجتمع الكيك المشابه لأسلوب تويتر في تفاعل الناس مع بعضهم لكن بدل التغريدات.. فيديوهات.

وكما شجّع تويتر الناس على ترك الأسماء المستعارة، وأعتقهم من ضيق المنتديات، كسر الكيك حاجز الهيبة لدى الكثير من الشباب بطريقة ما، فصرنا نرى آلاف المقاطع الجريئة التي يصور فيها الشباب أنفسهم وأطفالهم، فلا تستغرب أن يأتيك رجل ثلاثيني يصوّر نفسه وهو "يعفّط" ملامحه ويتلاعب بها كما يفعل الطفل، أو بعض الفتيات –هداهن الله- يصورن أنفسهن مع لثمة في الوجه ويقمن بحركات لا يقوم بها بعض الأولاد، وآلاف يخبرون أين مكانهم، أو ماذا يصنعون الآن، أو يعبرون عن خاطرة.

الشيء الذي لفت نظري هو تكرار عبارة (ما علي منكم، أهم شيء أنا واثق من نفسي!) من بعض أصحاب الكيك بعد ازدياد عدد متابعيهم.. وشاتميهم.

وسؤالي هنا: هل الثقة بحدّ ذاتها تعتبر تزكية للعمل؟!

وكيف أقيس هذه الجملة وأقبلها إذا طالعت كلام المتخصصين من علماء وتربويين عن الثقة، وأنها (اعتزاز الشخص بقدراته ومسيرته في اكتسابها وربط ذلك كله بفضل الله تعالى عليه وعدم الوقوف عند حدّ معيّن في اكتساب خيرها!)؟!

رأيت مقطعًا لأحد الأولاد –أصلحه الله- وهو يقوم بتصرفات غريبة بوجهه، ثم يقول بعد ردّة الفعل السلبية تجاهه: أنا واثق من نفسي!، لكني رأيت هذه الثقة قد زالت عنه بالكليّة في مقطع آخر تجمع فيه الأولاد يسألون عن مقاطعه ويصورونه، ويظهر أن الأمر أحرجه كثيرًا.

حسنًا.. أن يأتي شخص رائع من ذوي الاحتياجات الخاصة كالأخ عمّار بوقس يعاني شللًا كليًا وخمولًا في جسده، لكنه يملك همّة تنطح الجبال تغلّب فيها على وضعه، فحفظ كتاب الله تعالى في عامين وتخرج من الجامعة بمرتبة الشرف وهو مشارك فعّال في المجتمع ثم يقول لي: (أنا واثق بنفسي!)، سأردّ: على العين والرأس.. مع قبلة على رأسه. لأن هذه الجملة نتجت عن تجربة حياة عَلَت فيها معاني: الصبر، والكفاح، والاحتساب، لا أستطيع تصوّرها.

لكن يأتي شخص ويقول هذه الجملة الكبيرة، ثم حين أحاول الكشف عن المسيرة والكفاح الذي دفعه لقولها؛ أراهُ مقطعًا مدته 37 ثانية يهزّ فيه مؤخرته –وانتم بكرامة- أو يقول بالعبث بعينيه ووجه كالمهرجين، أو يظهر بمواضع غريبة الأطوار.. ثم إذا هاجمه الناس على (سفهه) يرد عليهم: ما علي منكم، أنا واثق من نفسي، حينها لا أستطيع أن أردد إلا:


هناك فرق كبير بين (الثقة بالنفس) وبين صفات أخرى تستطيع أن تخدع نفسك وتنزع أسماءها الحقيقية وتعتبرها (ثقة)، وهي: الكبر، والغرور، وقلّة الحياء، والسفاهة.

فإذا ارتبط اعتبار الإنسان لذاته بالحق والطيبة والخير والعلم والعمل والبذل.. وأحاط ذلك كلّه بمجاهدة النفس على إخلاص ذلك لله تعالى وارتباط الهمّة باليوم الآخر كان ذلك بلا شك (ثقةً بالنفس)، وإن ارتبط هذا الاعتبار بالجرأة على السفاهة الأخلاقية أو الانحراف الفكري أو نحو ذلك، فهذا هو بعينه (جَلَد الفاجر) الذي استعاذ منه الفاروق، ولا يزكّي أبدًا ما تقوم به، فالمقياس ليس جرأة نفسك، بل المقياس هو شرع الله تعالى، ومكارم الأخلاق التي جاء الإسلام ليتممها.

لذلك قليلًا من الحياء يا بعض أحبتنا في الكيك !
تعليقان (2)
إرسال تعليق

تزدان المدونة بتعليقاتكم وملاحظاتكم.

  1. المدونة بجد حلوة جداً ، بارك الله فيكم

    ردحذف
  2. شكرا لك أختي على طيب المرور، وعلى حسن الظن.

    ردحذف

إعلان أسفل المقال