جاري تحميل ... مُدَونة كِتَاف

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

مهرج-مهرجون-مهرجين-التهريج-لوحة-رسام-رسمة-مخيفة-مضحكة-Clowning-Clowns-Clown-Paint-Panel-scary-funny

لا أعتقد أن أقرب مطلع لحال بعض الإعلام الموجّه لشبابنا في السنوات العشر الماضية ينكر مدى التعمّد في توسيع دائرة اهتمامات الشباب لدينا نحو هوايات واهتمامات وأنشطة جديدة على عالمنا العربي في مجالات متنوعة وكثيرة، كان الانترنت سببًا في نشر وولادة الكثير منها. نحن أمام مقاديرَ جديدة لخلطةٍ جديدة، وكما تتجه مسيرة هذا الأمر نحوَ ما هو راقٍ ومميز؛ فإنها –كذلك- تتجه نحو ما هو في غاية السخف، مما لا ينبغي أن تطالعه في سيرتك الذاتية حين تراجع نفسك، لا حين تجميلها لأجل مطالعة الآخرين، ولا في مسيرة الغير.

أتاحت شبكة الانترنت، والإعلام –في الآونة الأخيرة- "محضنًا" لكل هواية يميل لها الإنسان، فهو قادرٌ –مع جُرْعةِ جرأةٍ- أن يعرضها كتابةً أو صوتًا أو صورةً.. أو صوتًا وصورة، أو جميع ما سبق، ولا أعتقد أن شخصًا له ذرّة عقلٍ قد يعيبُ هكذا انفتاح، أو يحاربه فينهى عنه ويحذّر منه. نحن أمامَ نعمةٍ لو علمَ مليارات البشر الذين مروا على هذه البسيطة فيما مضى من القرون أنها ستحصل في المستقبل.. لتمنوا العيش فيها كلٌّ على حسب همّته، فالطماع.. سيشبع المزيد من طمعه، وفاعل الخير.. ستتسع وسائله، والأشرار سيجدون منفذا.. وهكذا.

الفرصُ متاحةٌ للشباب كي يرقوا بأنفسهم أضعاف أضعاف ما هم عليه من جميع النواحي العلمية والعملية، لكننا أمام ظاهرةَ تسللِ السخفِ إلى حياةِ بعضنا بكثرةٍ واتساعٍ ازدادَ حين أُوجدت تلك "المحاضن"، ومن المفترض أن تكون في حياتنا أولويات واهتمامات أرقى وأعظم.. وبالمثال يتضح المقال.

أنا لست ضد هواية متابعة كرة القدم، ولكني ضد إتخامِ حياتنا بها، فتجد هذا الأمر قد استولى على بعض الشباب في يومهم وليلتهم، حتى وصل الأمر للتأثير على علاقاتهم واهتماماتهم، وحتى طبيعة المواقع التي يدخلون بها. وتجاوز الأمر من مجرد تشجيعٍ مثير أثناء أوقات المباراة، إلى معركةٍ تُنسَفُ فيها الأوقات والأعراض والعلاقات.. والأخلاق!.

وكمثالٍ آخرَ -وبغضّ النظر عن الصح من الغلط في مسألة الإعجاب بفلان وعلان من ممثلين ونحوهم-، إلا أن الأمر قد تجاوز لدى البعض من الشباب لنجده قد أصبح كالعبدِ عند النجوم، فهو يرتبط بهم في كل أمور الانترنت (يذكرني بأسلوب تعليق الصور في الغرفة أيام زمان، ودفتر المتعلقات الخاصة بالنجم!)، لذلك تجد توقيعه في المنتديات، وصورته الرمزية، والفيسبوك، وحتى المنتديات التي يسجل فيها كلها مرتبطة بذلك الشخص، وأغلب مواضيعه عنه، أو مجرد دعم لمنتداه.. ونحو ذلك؛ بل قد يتجاوز الأمر إلى التأثير على العمل، كما حصل للصحفيين الذين ذهبوا لتغطية مهرجان ما في قطر، فتفاجأ زملاءهم -بحسب صحيفة سبق- أنهم قد تجاهلوا عملهم الصحفي وصاروا خدمًا للفنانين، هذا يسوق له السيارة، والآخر يحضر له ملابسه.. يا ساتر!.

صدقوني.. هؤلاء الشباب ليسوا سبب كتابتي لهذا الموضوع، بل النموذج المقابل والرائع لشبابٍ آخرين هو الذي حمسني لكتابة هذا المقال. فبينما أضاعَ البعضُ أوقاتهم في أمورٍ تافهة (كانت سبب تفاهتها أنهم أعطوها أكبر من حجمها، وبعضها تافةٌ بحدّ ذاتها)، رأينا شبابًا أوجدوا لأنفسهم مشاريع راقية نفعتهم ورفعت من شأنهم في مجال الانترنت، وفي الفضائيات كذلك (كالمشاركة في المسابقات الأدبية الراقية، والاختراع، والتجارة، والتقديم.. ونحو ذلك في مجال القنوات).

أتابع –منذ فترة- مدونةً لشابٍ مصري في مقتبل عمره، عرف يلعبها صح، ويستفيد من وقته بالانترنت إذ جعله وسيلة لتعلم التصميم، وتطوير نفسه في هذا المجال إلى حدٍّ عظيم، ومن ثم لم يتوقف الأمر إلى هذا الحد، بل افتتح موقعًا وأخذ يصمم للناس بمبلغٍ وقدره، مع خطةٍ واضحةٍ للعمل، ومعرض متكامل لأعماله السابقة، ليرزقه الله –تعالى- في أشهر ما لا يجده بعض الموظفين في سنوات –ما شاء الله تبارك الله-، بل ولتتعاون معه كليات ومعاهد لإلقاء المحاضرات حول عالم التصميم ونحوه.

وشابٌ آخر لا يتقن التصميم كثيرا، لكنه جعل من نفسه وسيلةً فكريةً وتنفيذية للعديد من المواقع الخدمية، فإن طرأت الفكرة على رأسه، طورها وناقشها وقرأ عنها، حتى يوجِد المصممين ويتعاون مع المطورين لينتج موقعًا نافعًا للغير، فجعل من نفسه إداريًا على ذلك الموقع، وربما تطور الأمر ليجعل منها شركة لها أرباحها ومستثمريها.. فمعرفة التصميم ليس عائقًا أمام العازم على تطوير ذاته في مجال النت.. على سبيل المثال.

وشابٌ آخر طرأت عليه أن يدير موقعًا للقرآن الكريم، وبالصبر والبذل.. صار موقعه مرجعًا قويًا للاستشهاد والإحالة وطباعة القرآن، فهنيئًا له الأجر والمثوبة.

وآخر دخل النت لا يفرق بين الضاد والظاء، ولا التاء المفتوحة والمربوطة، ثم يطور من نفسه حتى وجد منفذًا نافعًا نفسيا وماديا في الصحف والمجلات.. أو في مدونة صبر عليها حتى صارت من كبرى المدونات العربية، في جميع المجالات كالكتابة، والتقنية، والرسم، والكاريكاتير.. ونحو ذلك، ولا أحد ينكر أن التدوين ساهم في قوة المراجع البحثية عبر النت، ففي السابق.. وإلى سنوات قليلة، لم يكن البحث في الانترنت ذا نفعٍ كبير إلا من مواقع معدودة، بسبب الكثير الكثير من المنتديات السخيفة، ذات العناوين الكبيرة، والمحتوى الفاشل والخادع والكاذب. والبعض وصل إلى مرحلة التأليف والنشر وقد كانت البداية بسيطة.. في موقعٍ بسيط.

هذا غير الشباب الذين نجحوا في صناعة قنواتِ يوتيوبٍ ناجحةٍ ونافعة، حتى وصل بعضهم إلى كبرى القنوات رغمًا عن المسؤوليات والواسطة؛ لأن المبدع يفرض نفسه. في السابق كان المبدعون يلاحقون المؤسسات، واليوم تلاحقهم؛ لأنهم فرضوا أنفسهم في محاضن لا تحتاج إلى واسطة أو تعقيد، كاليوتيوب، والمدونات، والمواقع المتنوعة، فلاحقتهم الشركات، وطمعت فيهم المؤسسات.

أنا لا أهاجم المنتديات هنا، فلها فضل عظيم لا يُنكر، ولا زالت تتميز بأمرِ التنوع والكثرةِ وانتفاع الأعضاء من بعضهم (على حسب جودة المنتدى طبعًا)، إنما يجب ألا تتوقف جهودك في مكانٍ واحد، وعند أمور محددة وسخيفة.

ليس من المعقول يا جماعة أن الكثير من الشباب قد وجدوا السبل لنفع أنفسهم ومجتمعهم من خلال تطورهم في استغلال المنافذ المتاحة في النت، والبعض قد جاوز العشرين.. والثلاثين.. والأربعين من عمره، ولا زال قابعًا في قسم الشكاوى في منتدى مغمور قد بلغ به الغضب مبلغه، لأن العضو فلان يشجع النادي الفلاني تكلم على اللاعب فلان أو الأسطورة العلاني، وآخر يشكو بشدة وللمرة المليون مدى تحيز المشرف ضد فريقه، وحرب سخيفة جدا في التواقيع والصور ووو.. مما هو مبالغ فيه للغاية، وضيّع الكثير من الأعمار والجهود، أو تجده مكانك سر في دردشة سخيفة، همّه تعلم جديد المصطلحات الفاشحة أو المضحكة، والتشبيك.. إلخ هذه السخافة.

الواحد (يفلّها) كما يقال.. لكن من الحرام أن تفوت على الإنسان فرصةُ رقيٍّ، ومنفذُ رزقٍ أو شهرةٍ في أمرٍ محمود، فهو غافل عن ذلك كله، لأنه محبوس في اهتمامات معدودة، طغت عليه في كل منافذ اللهو التي تمر عليه في يومه وليلته (الانترنت، الجرائد، المجالس.. ونحو ذلك)، ولا أنكر أنني قبل ثمانية أعوام لم أعلم أبدًا أن في الانترنت منافذ غير منتدى مدينتي، وموقع جوجل.. وموقع أو موقعين فقط، حتى ذهلت بما وجدت، وحزنت لما فاتني.. وهو كثير.

أمامنا فرصة كي لا تمر الأعوام القادمة –بإذن الله تعالى- إلا وقد صارت لنا علاقة مع النافع المفيد كأولوية وأمر أساسي في اليوم والليلة، كقراءة الكتب (لمعرفة سرّ عشق البعض لها)، ومطالعة النافع المفيد في الانترنت، والرقي بمفضلتنا المحفوظة، وحذف السخيف منها والبحث عن الرائع والمفيد والشيق لإضافته، والبحث في مجالات التصميم بأنواعه، والتجارة الإلكترونية، وأخذ العهد على أنفسنا في عدم كتابة أي شيء في الانترنت إلا إن أضاف ما يستحقّ لنا ولصحيفة أعمالنا وللغير، سواء كان معلومة، أو خاطرة، أو إضافة، أو تودد وتواصل مع الأحبة، وما سوى ذاك وسواس الشياطين كما يقال.

طبعًا كل كلامي هنا عن الاهتمامات التي تأتي بعد أولويات الصلاة والاهتمام بالأهل، والانغماس في هموم طلب الرزق والدراسة، أما من قصّر في الأمور الأخيرة إهمالًا منه دون أي اكتراث، وكان متبلدًا أمامها، وليس فيه حرارة الإعطاء من نفسه –كما يُقال- فهذا له حديثٌ آخر؛ بل عتابٌ قاسٍ على ما فرط في جنب الله –تعالى-، وفي أمرِ والديه وأهله.. .

الأمر في النهاية يتعلق بنمط تفكيرك، ومدى عزمك وإرادتك وجزمك في رغبة التغيير عندك، ونظرتك للوقت والحياة وقيمة العلم والمعرفة والكتاب لديك، ونظرتك للجهل والتخلف العلمي واللهو المبالغ.. وقياس ذلك كله على حالك واهتماماتك.

من أروع ما قرأت في مجال تحريك الراكد في النفس، وبعث الهمة فيها للانطلاق في طريق النجاح والمعرفة كتابان رائعان للغاية، نُصحت (بضم النون) بهما كثيرًا، وقرأت للعشرات الذين ينصحون بهما، وهما:

. كتاب: مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة، المؤلف: خالد اللاحم.
ليس كتاب وعظ بقدر ما هو كتاب يجعلك تنظر للمصحف وتتأمله لتقول لنفسك معاتبًا: فاتني الكثير من الحكم واللمحات والفوائد والمحفزات مما لم أدرك أنه في هذا الكتاب العظيم، الكتاب يتحدث بالدرجة الأولى عن النجاح في الحياة، وهو كتاب رائع للغاية، ولن أتوقف عن مدحه إن انطلقت.

. كتاب: أراك على القمّة، المؤلف زيج زيجلير.
هذا الكتاب اشتريته قبل يومين رغمًا عني، لكثرة ما مرّ ذكره أمامي، وقد نَصَحَنا به (أعني الطلاب أيام الجامعة) الدكتور الفاضل عبدالعزيز المقبل مرات عديدة أثناء تدريسه لنا، وفعلا.. كتاب رائع وحكيم للغاية، ولن أستطيع وصفه لجمال أسلوبه وروعة أفكاره، وزاد روعته حمله لتجارب الماضي واختباراته.

للأسف لم أجد رابطًا لتحميله، لكن الكتاب متوفر حاليا في مكتبة جرير (وهو ناشر الكتاب)، أو في غيره من المكتبات، وربما ستجد ملخصات له في الانترنت إن بحثت.

ما يحويهما هذان الكتابان ليس مجرد كلام في الهواء، بل هو كالقلم في يدك، لن تتعلم الكتابة حتى تسير به وتستعمله، فحملك للسوط لا يعني قدرتك على الترويض. هذه المؤلفات تجعل الحلول والخطط أمامك، وتُنَبّه على مالم ولن تنتبه له إلا إن أدركتَ بذاتك، وأقبلت بنفسك.. واخترتَ طريقًا مناسبًا لتسعى فيه نحو النجاح الأخلاقي والعملي والتعاملي، والعلمي والمعرفي.. وغير ذلك.

التهريج فنٌّ له أصحابه، لكن مصيبةُ بعضِهِم أنه طغى عليهم اللهو والعبث حتى وهبوا حياتهم له في كل لحظة، فتراهم يهرجون في الشارع، والبيت.. وفي كل مكان، ومن طريف ما رأيت، أن الغربيين جعلوا المهرج الكبير في السن شخصية مرعبة للغاية.. لا فكاهية، وممن يثير الرعب في قلبي منذ الصغر من بلغوا سن الكهولة إلا أنهم يستعرضون بعربجة المراهقين، فطغى السخف على حياتهم وأيامهم، وبعضهم لا زال يجوب الشوارع متخيلًا أنه ذات الشاب الذي كان مشهورًا بعربجته وخوف الناس منه مع بلوغه الخمسين والستين.

ما أعجب من يتجهّم كل التجهم أمام مسؤوليات الرزق وحقوق الأهل ورقيّ المعرفة، فيما هو هاشٌّ باش أمام أنواع اللهو، فيمرّ العمر، وتستمرّ أيامه الضائعة والسخيفة دون أي منجز ديني ودنيوي.. فأي حياةٍ هذه؟!!

كذا الأمر بالنسبة للهو من حياتك، عليك أن تدرك منذ هذه اللحظة التي تقرأ فيها هذه الأسطر أن اللهو ليس أساسا يصرفك عن العمل والبذل، ولن يليق بك طغيانه عليك كلما تقدم بك العمر.. وزادت المسؤوليات، كما أن التفرقة في ذكر اللهو عن الأمور المهمة لا يعني انعدام الابتسامة في العمل، ولا يلزم من ذلك الجدية أمام اللحظات الطريفة في يومك وليلتك، وبين جدك وعملك.

أرجو أن يلمس مجموع هذه النصيحة أوتار القبول عندي أولاً وعند كل من يقرأ هذا المقال.

.
3 تعليقات
إرسال تعليق

تزدان المدونة بتعليقاتكم وملاحظاتكم.

  1. دائما رائع بكتابك ياراكان ..

    ردحذف
  2. أهلا بك.. وأشكر لك حسن ظنك وطيب مرورك.

    حياك الله تعالى.

    ردحذف
  3. اصبت عين الحقيقة اخي طيب كيف ممكن ان نكون ناجحين في عالم الانترنيت انا انسانة اعاني الفشل في الحياة وحياتي المادية متعسرة لي هوايات كتيرة لكن الحياة لم تبقي لي منها الا ذكريات الطفولة الجميلة من بينها تصميم الازياء وديكورات البيت فقط فطريا فانا لم ادرسها لا في معاهد ولا مدارس اخي ساعدني بالنصيحة وجزاك الله خير

    ردحذف

إعلان أسفل المقال