جاري تحميل ... مُدَونة كِتَاف

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

father-son-reading-علاقة-الآباء-الأبناء

دخلت أنا وصديقي وزميلي في هذه المدونة [ الناسك ] في مطعم كودو برفحاء ثم طلبنا وجباتنا وجلسنا ننتظر انتهاء الطلب.

أثناء انتظارنا دخل أب ومعه ثلاثة من أولاده، ولفت نظري أنه طلب وجبة واحدة، ثم جلس ينتظر هو وأولاده.. والذين كانوا متحمسين للغاية لهذا المطعم حيث أنه قد افتتح حديثا في مدينتنا الصغيرة.

انتهى طلبنا، ومن ثم انتهى طلبه.. ولم ينته استغرابي حين بحلقت في الرجل أمامي وهو يبلع بالخمس من وجبته ويكرع من البيبسي ويغمس البطاطس في الكاتشب وأولاده ينظرون إليه تكاد تذوب ألسنتهم من اشتهاء الأكل والتهامه في غمضة عين، لكن الصمت كان سيد الموقف، مع حماس النظر.. .

أنا كنت فاغرًا فمي من المشهد، يكلمني صديقي الناسك وأنا قد التهيت عنه وعن الطعام غير مصدق ما يحصل أمامي، فلم يطرأ على بال والدهم أن يقسم الساندويتش بينهم، أو يضاحكهم، أو يسمح لهم بأكل البطاطس، بل كان صامتا، ثقيلًا، قد منعت هيبته الأطفال من الكلام.

ثم قام الرجل مباشرة نحو الباب دون المرور بالمغاسل، فما إن قام عن كرسيه حتى قفز الأطفال بسرعة نحو الطعام ليأكلوا من فتات الفضلة، لكنه التفت إليهم وزجرهم بنبرة هادئة وعين حادّة (يلا.. مشينا!)، فقاموا يجرّون الخيبة ومروا من عندنا يلمحون طعامنا، وقد تنزهّت في رأسي كل معاني الدهشة والغضب والقرف.

الرجل من سيارته.. ولبسه.. ولبس أولاده يبدو ميسور الحال،
وأفرق بين الطبع.. وبين لحظات الغضب،
لذا أسأل: هل هذا أب؟!

كثيرًا ما مر علي آباء في المطاعم ينسون أنفسهم ويهتمون بكل لقمة يلقمها أطفالهم، فيمسحون وجوههم ويجهزون الكاتشب ويعطونهم من أكلهم ويوفرون كل أجواء المتعة لهم، وهذه اللحظات الجميلة تصور لنا طبيعة العلاقة الرائعة بين الأب والابن.

لكن للأسف يوجد آباء قتلتهم غرابة الأطوار؛ فلا تربية، ولا رحمة، ولا قدوة.. وإذا بلغوا من الكبر عتيا، وذهب الأصحاب، وأبعدوا عن العمل.. أخذوا يلومون أولادهم على عدم الجلوس معهم، والأنس بأحاديثهم، ولا أدري كيف يطالب هؤلاء أولادهم بأمر لم يعودوهم عليه منذ صغرهم، وكيف تطلب أن يكون أولادك أصحابك في الكبر، وأنت تذلهم وتخيفهم منك –بزعم الهيبة- في الصغر؟!

يعجبني ويفتنني كثيرًا منظر الآباء حين أراهم كالأصدقاء مع أبنائهم، علاقة لا يوجد أجمل ولا أروع منها، يتلاعبون فيما بينهم، ويتماسكون بالأيدي، وينطلقون بالأحاديث عن كل شيء تماما كالأصدقاء.. .

ومضة:

يقول الكاتب محمد خضر: (إن توفيق الآباء في إسعاد أطفالهم لا يتطلب تكويناً أكاديمياً عالياً ولا تخصصاً رفيعاً وإنما يحتاج الأمر إلى نظرة متبصرة بالحياة عامة وبالطفولة خاصة، مع التشبع بالحب الكبير والتفاؤل غير المحدود بالمستقبل).

نسأل الله تعالى أن يغفر لآبائنا وأمهاتنا كما ربونا صغارا، وأن يطيل في أعمارهم على الخير والعافية، ونسأله -سبحانه- أن يعيننا على برّهم. آمين
14 تعليقًا
إرسال تعليق

تزدان المدونة بتعليقاتكم وملاحظاتكم.

  1. لاحول ولا قوة إلا بالله ، ما أبأس هؤلاء الصبية ، وما أبأس فتياته إن كان له فتيات في البيت .

    عديم رأفه ، وفقير شفقة ، سقيم مسكين ساذج أحمق ، وما شئت من الصفات القذرة التي تليق به .

    هناك الكثير من المرضى حولنا ، كما أن هنالك الكثير من الأصحاء ، وهكذا خلقنا ألوانا وأشكالا .

    سيدي مبارك افتتاح مطعمك المفضل في موطنك المحبب .
    أبومعاذ

    ردحذف
  2. المشكلة في هذا الأب وغيره كثير أنهُ لارادع لهم مما يفعلونه ,, وهو في النهاية نتيجة لعملية تربوية كانت تُفعل في السابق , بحيث ينتج أشخاص عديمي المسؤلية ينقصهم الكثير من الحكمة والتروي ومراعاة الآخرين , [ أعرف أحدهم وهو جار لي لا يستخدم مع أبنائه إلا سياسة التجريح والتعنيف وتجده يضرب ابنائه أمام أقرانهم بدون أي مبالاة أو مراعاة]
    هؤلاء المرضى هم يحتاجون لمن يخلصهم من أذى أنفسهم فكيف بمن تحت أيديهم] [وإني أُبدي أعجابي بمدونتكم واقبلوني متابعاً لها ]

    ردحذف
  3. ممكن نفر أنا وأنت الليلة بشوارع رفحاء ونعطي هالوحش ستنر مع شوية حركات علشان يعرف أن الله حق !

    ردحذف
  4. ردا على السؤال : لا هذا حيوان !

    ردحذف
  5. أسامة صاحب الأبتسامة18 يونيو 2010 في 12:02 م

    اصعب مافي الوجود ان يكون الاب او الام يعانون من قسوة في التعامل فأذا كان ممن يفترض انه من يخخف عنا أعباء حيتنا بهذه الصورة البشعة فكيف سيكون مستقبل أطفالهم؟شكرا لطرحك الجرئ

    ردحذف
  6. والله صراحة غريب هالأب هذا ..!!

    لو أني معكم كان متهاوشين أنا وياه ..!!

    لاحول ولا قوة الا بالله

    مشكور ياركان وتراني متابع لك دائم لكن لاتسعني

    الفرصة للرد دائماً , دمت بسعادة

    ردحذف
  7. مقال رائع...

    أذهلني مابين السطور وكأنك تقرأ أفكاري..


    نعم فأنا ألاحظ الكثير من الأباء والذين يتعاملون مع

    أبنائهم بمبدأ الهيبة والرسمية الزائدة عن اللزوم..

    والبعض الآخر يستخدمون مع ابنائهم مبدأ الصداقة والحرية بالتعامل معهم ..

    فأنا مثلا أبي تصدقون لو أقول لكم لم أحضنه في حياتي ولم أقل له اني أحبه ولم أقبله سوى قبلة العودة من السفر ,- -
    رغم أنني أتمنى من كل قلبي ان أفعل العكس ولكن أنا أخجل منه وأهابه كثيرا وهو السبب في ذلك فهو يتعامل معنا برسمية شديدة منذ أن كنا صغار...

    لكن بمقابل ذلك كله انا اعرف انه يحبني ولكنه خجول جدا حتى من اظهار مشاعره لذلك أعلم انه يحبني وأواسي نفسي بذلك ....

    رغم انني اشعر بالغيرة من بعض الصديقات عندما يتكلمن عن ابائهن وكأنه احداخوتهن ...

    على العموم الله يخليه ويطولي بعمره ان شاء الله..

    مشكور راكان على هالموضوع الجميل معليش أطلت عليكم بس حبيت أفضفض...

    ردحذف
  8. السؤال الأهم: ماسر اصطحابهم معه؟
    ربما يتفنن في إيذاء الآخرين، أو كان باتفاق مسبقًا أو كعقوبة لفعل ما ... لا أستطيع تبرير ذلك فالموقف أكبر

    ردحذف
  9. أبو معاذ’ الله يبارك فيك، وعقبال ما تاخذ معاذ ومعاذة لمطعم كودو وتخليهم يعزموني أنا وياك.. .


    عبدالمجيد’ حياك الله تعالى أخي عبدالمجيد متابعا، وشكرا لتنبيهي على رابط مقالات الشباك.

    هؤلاء الآباء سيندمون في المستقبل حين يكبر أبناءهم، فهم لن يحبذوا الجلوس معهم في شيبتهم، لأنهم لم يتعودوا على علاقة الجلوس معهم والحديث كأصدقاء عن الاهتمامات والأمور الأخرى في الحياة؛ بل هي علاقة ضرب وتكفيح ونقد ثم نقد ثم نقد ثم نقد.. إلخ.


    واحد متهول’ أخاف يعكسها ويعمل تومب ستون، تبأى مصيبة.. مع أنه يستحق المحاولة.


    أركد’ مع قوة وصفك وإخافته، إلا أنني لا ألومك لأن الموقف كان يجلب الاشمئزاز.


    أسامة’ صدقت.. المفتروض أن يكون الآباء كالسنديانة التي يتشبث فيها الأولاد من ظروف الحياة، ولكن.. ما بعد (لكن) يجلب الحزن.


    rafhatube’ أنا تلعثم لساني، حتى ملامحي كانت مرتخية من الدهشة لأن رؤية الأطفال على تلك الحال أنساني كل شيء.


    غير معرف’ مسألة الخجل من إبداء المشاعر أمر أعاني منه شخصيا، أحيانا الأهل والأصدقاء بحاجة إلى دفعة عاطفية لتوثيق العلاقة معهم، لكني أخجل من ذلك.. وهم يخجلون.. لكني عازم على التقليل من مبالغات صفة الخجل.. لعل وعسى.

    حياك الله تعالى.


    fadia’ فعلا الموقف ليس له مبرر، حتى لو كان -كما ظننت- يزعم أنه يعاقبهم وأنه أدرى بمصلحتهم.

    ردحذف
  10. صالح الرويان28 يونيو 2010 في 3:38 م

    رد على تعليق الأخ / أركد

    الذي يقول: [ لا هذا حيوان ]

    بالعكس الحيوانات ألطف وأرحم وأشفق من الأنسان بل

    ترى بعض الحيوانات تأتي بالأكل لأصغارها وهَيــا لاتأكل

    فلماذا تظلم الحيوانات وتشبهها بمثل هذا الرجل الذي

    ليس له شبية غير الصخرة ، وأنما هو صخرة على هيئة رجل ..


    لله درك ياراكان ..

    ردحذف
  11. صالح الرويان’ أهلا بك أخي صالح، كما قال الشيخ علي الطنطاوي -رحمة الله عليه-: يربي أحدنا كلبا أو قطة، وحين تكبر لا تعرف إلا صاحبها المتفضل عليها. بينما نربي بشرًا له عقل وفكر وقد هُديَ النجدين ونبذل له ما نبذل وحينما يكبر لا نجد منه إلا العقوق.

    مرحبا بك عزيزي.

    ردحذف
  12. في طفولتي .. كنت أخرج مع أحد إخوتي دون علم والدي ونذهب إلى مزرعتنا التي تقع خارج الأحياء السكنية مشيا على الإقدام .. دون أن نفكر في الأخطار والعواقب خصوصا ان الطريق يمر بمناطق مليئة بالعمالة وقد نهانا والدي عدة مرات فلم ننته..
    في إحدى المرات طفح الكيل بوالدي فأخذنا جميعا إلى دكان أبودحيم (عجوز نعشقه جميعا وكثيرا مايتوسط لنا عند أبي ليشتري مانريد)
    وأعطى أخي الآكبر مئة ريال وتركه يتخير مايريد من فشافيش وتسالي وشكلاطات هوبي وسودان وصحارى وهواي << غبار :P
    ونحن نبحلق دون أن يسمح لنا بمجرد التحرك داخل المحل والعجوز ينظر إلينا ويضحك << أشك الآن أن تلك كانت فكرته أحسن الله خاتمته
    عدنا إلى المنزل وبقي أخي ينهل من هذه الملذات أسبوعا كاملا ونحن نعض أصابع الندم ونستسمح والدينا صباح مساء حتى عفي عنا وأمر أخي أن يشركنا معه في ما بقي من فتات
    بعدها لم نعد مطلقا للخروج من دون إذن..
    أظن هذا أقوى أسلوب تربوي واجهته في حياتي ولن أتوان عن استخدامه مع أبنائي متى احتاج الأمر بإذن الله
    خطأ الرجل كما أعتقد أن فعلها على الملأ.. كان الأجدر به ربما أخذ الوجبات إلى المنزل ومن ثم يحرمهم كما يشاء دون التعرض لاستهجان الآخرين
    عذرا على الإطالة .. فقط أحببت الإيضاح
    ...
    أغاني الأمل ..،

    ردحذف
  13. صخرة الواقع18 يوليو 2010 في 2:55 ص

    هذا اب؟؟؟؟؟؟
    الله يرفع عنه ولا يبلانا

    ردحذف
  14. ذكرتني فيما كآن أبي يصنع لي

    ان كانت هناك حاجه في نفسي لا ينآم حتى يأتي بها

    أبي أحبك و رب الكعبة أحبك ,, وما أن أذكرك حتى تدمع عيناي ,,

    ما ان أذكر ما كآن يصنع لي هو وأمي حتى تغرق عينآي بالدموع

    قد يقول قآئل وما الذي يبكيك ,, لكن الذي لا يعلمه من يسأل هو أنني الى الآن وانا لم أستلم مرتباً كي أقول بتقديمه بين يدي أبي وأمي

    أريد أن أصنع لهما شيئاً ,, لا أعلم ماذا أصنع

    فـ أسأل الله العزيز القدير أن يرزقني بر أبي وأمي

    فـ هذا أعظم ما أستطيع أن أقدمه لهم

    أبي أمي ,, أحبكم حباً جما

    شكراً رآكان ,, وأستبيحك عذراً على الإطاله

    ردحذف

إعلان أسفل المقال