جاري تحميل ... مُدَونة كِتَاف

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

مدرسة الإمام مسلم الابتدائية


هذا قسم جديد أسميته [ من أيام التطبيق ] أقيّد فيه أهم ما يمر علي من أيام ولحظات ومواقف مرحلة التطبيق (أي التدريب الميداني من خلال ممارسة التدريس).. نسأل الله التوفيق والسداد.. ثم أقول:

في عصر يوم الأحد 28 / 3 / 1431هـ الموافق 15 / 3 / 2010 م تجوّلت في حي البصيرية متوقفًا بين الحين والآخر عند كل فتى، كان يمشي أو قاعدًا في مكانه، ومستفسرًا من كل شلة تجتمع في أطراف الحارة وشوارعها.. أقول لهم: أين مكان "مدرسة الأندلس" التي في حي البصيرية (حيّهم)، فترتفع الأبصار.. لترفع إحدى الحواجب، لانشغال تفكيرهم بهذه المدرسة التي يعلمون أنه لا وجود لها في حيّهم، لكن جرأة السائل وثقته زعزعة معلوماتهم المسبقة.. لذا انطلقوا في تفكيرهم وتساؤلاتهم.

وفي برهةٍ مرّت، تذكر السائل راكان عارف أن المدرسة اسمها مدرسة الإمام مسلم، أما كيف دخلت كلمة الأندلس مكانها وانحشرت بين لسانه وفمه.. فلا أدري، المهم أنه نبه المسؤولين أن مقصده هو ابتدائية الإمام مسلم؛ لتتجه الأصابع إلى منزل كثير الشجر، ضخم الجدار.. واسع الفناء بعض الشيء.

اقترب راكان أفندي بسيارته فبانت له لوحة المدرسة التي أسست في عام 1401هـ.

حفظ المكان القريب جدا من سكنه، ثم قفل راجعًا وليس بين عينيه إلا يوم غدٍ الاثنين.. حيث أول أيام التطبيق.

لم ينم تلك الليلة، ليس لأنه متشوق ومحتار، ومتلهف لما هو قادم؛ بل لأنه كرع شراب "باور هاوس" البغيض ليبقيه صاحيًا وواعيًا حتى يصل الليل بالنهار، ويصل للمدرسة قبل الإدارة والمدرسين.. وبعض الطلاب، وهو بكامل وعيه ونشاطه وتحشيشه.

بعد صلاة الفجر أمسكت بالأثقال والحديد وتمرّنت جيدًا لأكون جاهزًا للمعركة القادمة بيني وبين الإدارة، ثم ابتلعت حبّة من نوعٍ ما (أحسنوا الظن يا جماعة!)، وشربت الماء على ظمأ الله يكافينا، ثم لبست الجديد من الثياب، ووضعت الجديد على الجديد.. أي لبست العقال ذا السعر الباهظ بشكل رسمي لأول مرة في حياتي، طبعا ما عدا البارحة إذ ظللت أتمرن عليه، وأتمرن على الالتفات والعقال على رأسي كي لا أبدو كالرجل الآلي في التفاتاتي وحركتي.. حتى اعتدت عليه بعض الشيء.

ركبت سيارتي وتوجهت للمدرسة، وكما جهزت للأمر.. نجحت في أن أكون أول الواصلين، ويبدو أنني كنت أولهم زيادة عن اللازم، إذ حتى الطلاب لم يكونوا في المدرسة إلا بعد قدومي بدقائق، حيث اجتمعوا في الفناء الجميل وأخذوا يلعبون الكرة، ذكروني بأيام زمان.. مع أنني لم أكن ألعب الكرة في الفناء أيام زمان، لكن عاد هم ذكروني وبكيفي.. تحقيق هو؟! :|

استقبلني شيخ ستيني، يبدو لطيفا وخدوما.. واتضح أنه "فرّاش المدرسة".

بعدها قدم المدرسون.. بعضهم سلم وصافحني، وآخرون سلموا باستعجال.. وقد سبقهم المدير في الحضور والسلام والمصافحة، وهو الأستاذ أحمد التويجري، معتدل البنية مع ميل للطول، هادئ الملامح.. مع جدّية لا تكلف فيها، ولطافة في المصافحة والكلام والاستقبال.. قمّة اللباقة والاحترام صراحة.

سألني وأجبته، عن الاسم.. القسم.. الكلية.. السكن.. زملائي المطبقين في المدرسة.. المواد التي أرغب بتدريسها، في نقاشٍ حذر يحيطه الاحترام والرغبة في التعرف علي أكثر، خبركم سأكون نشبةً عندهم لمدة أربعة شهور.. أعانهم الله علي، فلا بد من التعرف.

رميت ثقتي عليه في تكوين جدولي، وقد حُذِّرْت مسبقًا في مجالس القيل والقال من إعطاء الإدارة وجه، وأنهم سوف يأكلونك.. حشا.. صاير صحن مطبق، وأنهم سوف يتخمونك بالمواد.

ربما يكون في أحاديث المجالس شيء من الصدق، لكن هناك مشكلة غريبة على تلك المجالس وعلى الإدارة.

هم أمام شخص يعدّ الأيّام منذ صغره كي يكون مدرسًا، فأنا أعشق هذه المهنة كثيرًا كثيرا.. لذلك قلت لأبي عبدالله (مدير المدرسة) أنني لا أمانع أي جدول. بل إني –في نفسي- أحب أن يكون مزدحما إلى حد مقارب لجداول المدرسين مع فارق الأيام طبعا (فأنا أطبق أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء).

طبعًا فوجئت بقوله أنه ربما لن تتوفر لدي المواد الأساسية، وأنه سيوفر لي المواد السهلة وذلك للتأخير في توجيهنا، إذ مرت أربعة أسابيع منذ بداية الدراسة.. والتلاميذ اندمجوا مع مناهجهم ومدرسيهم.

وجدت أنني لا أدري حقيقة.. هل أفرح للتخفيف عني، أم أحزن لأنني أرغب فعلا بتكثيف جدولي في التطبيق؟!

قلت للأستاذ أحمد أنني رهن ما يقرره، فقال: إذن نؤجل الأمر حتى يصل زملاءك المطبقين الذين اضطروا الأستاذ أحمد إلى تأجيل الأمر للغد لأنهم تأخروا سامحهم الله تعالى.

قلت في نفسي: في الغد.. في الغد.. الله يسامح زملائي.. ليش ما صاروا مثلي وأتوا في وقت مبكر حتى تنتهي جداولنا.. ليت العالم يصير مثلي. << يا ساتر :/

عاد أخوكم في الله طماع، كدت أن أقول للأستاذ أحمد: طيب ما فيه أمل أن تكون هناك حصة انتظار هذا اليوم وأبدأ في دخول أجواء الفصل؟!

لكني بلعت العافية.. وحشمت نفسي كي لا أبدا في حال يرثى لها، وانتبهت لأبي عبدالله وهو يوجه لي نصائح أبوية وإدارية تحث على الاجتهاد والجدية وأنه لا يهتم بمسألة الدرجات أبدا بقدر ما يريدنا أن نتعامل مع الأمر بجد وعزيمة، فقلت له بصراحة أحسدني عليها (ياهب.. ما شاء الله تعالى!): أبشر أبا عبدالله.. إن شاء الله راح تجدني على قدر المسؤولية، وأنا صراحة من مدة والحماس يدفعني.. ومن سنوات وأنا أعد الأيام حتى أكون في هذا المقام الذي أحبه.

أبو عبدالله: وعدنا بكرا يا راكان..
- بإذن الله تعالى أبا عبدالله.. سأكون عندكم يوميا وفي وقت مبكر.. السلام عليكم.

انتهى اليوم الأول على خير.. لله الحمد والمنة.

الأستاذ المطبقاني:
راكان عارف
كلية اللغة العربية | الفصل الثاني
الاثنين 29 / 3 / 1431هـ

14 تعليقًا
إرسال تعليق

تزدان المدونة بتعليقاتكم وملاحظاتكم.

  1. فكرة رائعة يا أخ راكان أرجو أن تحرص على تدوين يومياتك .... متابع

    ردحذف
  2. ثامر الشيحي15 مارس 2010 في 2:12 م

    بالتوفيق وعقبال ماتصير أحد زملاءنا بالمدرسة وتمسك عني حصص انتظار ، دام إنك ماعندك مانع !!

    ردحذف
  3. الله يوفقك أستاذ راكان :)

    سأتابعك... عبدالرحمن

    ردحذف
  4. غير معرّف’ أهلا بك أخي.. وحياك الله تعالى متابعا دائمًا.

    ردحذف
  5. ثامر الشيحي’ هلا فيك أبو زيد، أبشر بعزك.. بس خل ذاك اليوم يجي، مرحبا بك دائمًا.

    ردحذف
  6. عبدالرحمن’ آمين عزيزي عبدالرحمن، حياك الله تعالى.

    ردحذف
  7. فكرة رائعة جدا وستكون لها قيمة بعد سنوات إن شاء الله لكن هناك مقولتان شهيرتان أرجو ان تفهم مغزاي منها جيداً : الأولى تقول : " التاريخ يكتبه المنتصر " والثانية " القرود تموت أحيانا ً " واخد بالك يا أخ ناسك !!! أين اختفى الرجل بحق .

    ثامر الشيحي ,,, وش هالإحباط هذا ما أمداك في عز شبابك وعلى قولة البدور على زمة نهودك تشتكي من الحصص وتبغى توزعهن انتظار , يبدو أن الثانوية بدأت بأكل ماتبقى من نظارة ونشاط .

    ردحذف
  8. واحد متهول’ أهلين وسهلين عزيزي.

    القرود تموت أحيانا.. مفهومة. :)

    أما التاريخ يكتبه المنتصر.. فأنا لم أنتصر، أنا في البداية، ربما غدًا سأخرج منتصرًا عندما أسيطر على الوضع عند أول دخول على الطلاب.. إن تيسر ذلك في يوم غد.

    ينطبق هذا المثل على المتقاعدين.. إذا كانوا ناجحين في حياتهم العملية، ولم "يهوجسوا" كثيرًا من أخطائهم وحماقاتهم.

    بالنسبة لمقولتك لثامر، فمع إنه مالي شغل لأنني مدرس مو صحيحي، وانتم مدرسين صحيحيين، إلا أنني لن أكذب حين أقول أن التدريس أخذ شيئا من نظارة شبابكم وانتعاش طباعكم، الوظيفة كالثقب الأسود، والإرادة هي أقوى سفينة فضائية يمكن أن تخلصكم من جذب الروتين القاتل.. << يخرب بيت عدوّي على الحكمة.

    إي والله وين الناسك؟!

    ردحذف
  9. بائع الوَرد15 مارس 2010 في 9:00 م

    جميل جدا ، أيها المتلهف للتعليم ، الشغوف بإذلال الصغار ، سأتابعك رغم عن أنفك .

    هنيئا لك التطبيق في البصيرية ، ذلك أنهم طيبون كما سمعت ، وهنيئا لك المادة السهلة جدا ، تبادل ؟

    ردحذف
  10. والله إذا كان شغلك كرف معتدل.. على الأقل كما هو مطلوب فافرح بذلك.

    غير أنني سأراجعهم للغد، إن كان ولا بد من تطبيق المواد السهلة، فأنا أريد النصوص والتعبير والخط..و ما سوى ذاك وسواس الشياطين.

    أنا لم أؤجل بعض المواد إلا لأجل الاستمتاع بالتطبيق والانتهاء منه طبعا، فإذا لم يسر الأمر كما أحب فالوجه من الوجه أبيض.

    هم كما قلت طيبون جدا.. المدير في غاية الاحترام، أما المدرسين فلم أدخل معهم حتى الآن.

    مكان مدرسة الإمام مسلم جميل جدا.. وهادئ للغاية.

    كيف حال التطبيق معك؟

    ردحذف
  11. بائع الوَرد !16 مارس 2010 في 6:25 ص

    لسى ما رحتش ،
    حاولت أبدل المدرسة ..
    لكن تهاوشت مع واحد من الموظفين
    وخربت الدعوى ذذ ..

    بمر على المدرسة أشوف الأوضاع !

    ردحذف
  12. يا ابن عارف انتظر
    ياابن عارف لاتظن إن استقبالك من قبل المعلمين لسواد عيونك وانتظر منهم الشفرات التالية ..إن !!!
    1- يامن شرا له من حلاله عله
    2- ليتنا من حجنا سالمين
    3- وشلون فريقكم الاولمبي
    4- من يشري صبينا
    5- معلم يربت على كتفك حياك الله يا أستاذ .
    وش اسم الولد ؟!
    آه : أبو عارف
    أظنك يا أبا عارف فاضي الدرس الثالث .
    الله لايهينك أبزرق بالولد المستوصف خمس دقايق وعليه إلى آخر الدوام .
    6- آخر يا أبا عارف 4أ معجبين بك ويطلبونك الدرس الخامس ... لاتكسر خاطرهم !!

    وهكذا
    وما عليك ألا أن تردد
    ( من عود الناس النخوة والفزعات )
    نخوه نهار الكون : يا با العوايد

    ردحذف
  13. داخل غرفة المدرسين’ ههههههههههه، صحيح، بعض المدرسين جابها على مزح إذ يريدني أن أدرس الرياضيات للصفوف الأولى.. لكنه كان يمزح، كما أظن.

    في الحقيقة أنا أحب حصص الانتظار، وأنا لم أبدأ رسميًا، لذلك كانت الحصص الأربعة كلها حصص انتظار.. كانت بشكل عام ممتعة ولطيفة، لذلك ما عندي مانع أبدًا في أخذ حصص الانتظار؛ بل إني أفرح بها وأسعى لها.

    هي أربعة أشهر، والدولة لن تعيننا بمجرد تخرجنا.. لذلك راح أحلّل أبوها اللي جابها.

    ردحذف
  14. أبو محمد المقبل1 أبريل 2010 في 11:33 م

    أعانك الله أبا عبدالله على التدريس فقد لقينا نصبا ! ==>> واحد له عشرين سنة مدرس :D

    ردحذف

إعلان أسفل المقال